ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية خلال اجتماع يوم الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس في المقر البابوي بالكاتدرائية العباسية.

البابا تواضروس الثاني وثنائيات في أمثال السيد المسيح
اختتم قداسته سلسلة “ثنائيات في أمثال السيد المسيح”، حيث قرأ جزءًا من الأصحاح العشرين من إنجيل معلمنا متى، وتحديدًا الأعداد من ١ إلى ١٦، وتناول مَثَل الفَعَلة في الكرم. كما ربط بين هذا المَثَل وشفاء المولود أعمى المذكور في إنجيل معلمنا يوحنا في الأصحاح التاسع، حيث يتناول كلاهما موضوع الإيمان.
وشدد قداسة البابا تواضروس الثاني على أهمية الآية: “هكَذَا يَكُونُ الآخِرُونَ أَوَّلِينَ وَالأَوَّلُونَ آخِرِينَ، لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ” (مت ٢٠: ١٦)، حيث توضح إيمان أصحاب الساعة الحادية عشر وإيمان المولود أعمى حتى اللحظات الأخيرة، كما فعل اللص اليمين.

عظة البابا تواضروس الثاني
أشار قداسه البابا تواضروس الثاني إلى أن جوهر المثل يتجلى في الآية: “لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ” (يو ٩: ٣)، حيث أن الذين عملوا في الساعة الحادية عشر كانوا في انتظار من يستأجرهم، وقد تم احتساب ذلك لهم، مما منحهم نصيبًا في الملكوت.
وأضاف قداسة البابا تواضروس الثاني أن مثل الفعلة في الكرم يُعتبر من أمثال الملكوت، حيث تعبر عبارة “خَرَجَ مَعَ الصُّبْحِ” عن أن الله هو دائمًا المبادر بالمحبة. والمقصود بكلمة “فَعَلَةً” هو جميع البشر، بينما تشير كلمة “كَرْمِهِ” إلى الكنيسة، حيث يُعتبر الخادم فيها عضوًا في جسد المسيح. كما أن أصحاب الساعات الأولى يمثلون اليهود، في حين أن أصحاب الساعة الحادية عشر يمثلون الأمم.

تامل البابا تواضروس الثاني
أشار قداسته من خلال الآيتين: “«الْحَصَادُ كَثِيرٌ وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ»” (مت ٩: ٣٧، ٣٨) إلى أن هناك أشخاصًا يبدأون الخدمة في مراحل متأخرة من حياتهم، بينما يبدأ آخرون في وقت مبكر. الله ينظر إلى إيمان الفرد ونقاء قلبه، ويكافئ الجميع بناءً على ذلك. لذا، لم يظلم الله الذين بدأوا العمل في الساعات الأولى، كما يتضح من قوله: “مَا ظَلَمْتُكَ! أَمَا اتَّفَقْتَ مَعِي عَلَى دِينَارٍ؟” (مت ٢٠: ١٣). بل إن أقل جهد يُبذل أمام الله يُكافأ بمكافأة عظيمة، حتى وإن كانت تعادل يوم عمل كامل.

أشار قداسة البابا تواضروس الثاني إلى أن الذين عملوا في الساعة الحادية عشر لم يكونوا متقاعسين أو ممتنعين عن العمل، بل لم تتاح لهم الفرصة. ولا يزال هناك أشخاص حتى اليوم لم تصل إليهم دعوة الله.
كما أوضح قداسته أن تساوي الأجرة بين العمال يعكس، في قصة صلب السيد المسيح، تساوي إيمان اليهود (بطرس) مع إيمان الأمم (قائد المئة)، حيث يقول: “لأَنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُومًا فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الآبِ” (أف ٢: ١٨).
وأضاف قداسة البابا أن الثقة والإيمان اللذين تحلى بهما المولود أعمى وأصحاب الساعة الحادية عشر، والذين كانوا في حالة استعداد، جعلتهم يستحقون النعمة التي يمنحها الله لنا.
ووجه قداسته نصيحة: كن مؤمنًا واهتم بأعمال صالحة من خلال جهادك الروحي، فبدون إيمان لن تنال نعمة مجانية أو الخلاص.