مصر والكويت.. "شراكة استراتيجية" تتحدى الزمن وتقود المستقبل

العلاقات المصرية الكويتية

منذ إعلان استقلال الكويت عام 1961، نسجت مصر والكويت خيوط علاقات دبلوماسية متينة، سرعان ما تحولت إلى شراكة استراتيجية راسخة، تجسّدت في تبادل السفراء والتنسيق السياسي رفيع المستوى بين البلدين الشقيقين.

هذه العلاقة، التي يصفها المراقبون بـ"النموذجية" في العلاقات الدولية، تستند إلى تاريخ طويل من الدعم المتبادل والمصير المشترك، وتتطلّع نحو آفاق أرحب من التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة.

لطالما أكدت مصر على دعمها الكامل لأمن واستقرار الكويت على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، ويستذكر الكويتيون باعتزاز مبادرة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بتهنئة الكويت باستقلالها في عام 1961، وكذلك الموقف المصري الصلب والداعم للكويت خلال فترة الغزو العراقي الغاشم عام 1990.

في المقابل، لم تتوانَ الكويت يومًا عن إعلان دعمها القوي لمصر في مختلف المحطات التاريخية الهامة. فمنذ إعلا ن الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958، مرورًا بالوقوف بجانب مصر في مواجهة عدوان يونيو 1967 وحرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وصولًا إلى تأييد إرادة الشعب المصري في ثورة 30 يونيو 2013، كانت الكويت دائمًا السند والعضيد لمصر.

وتتجاوز العلاقات بين البلدين الإطار الرسمي لتضرب بجذورها عميقًا في الروابط الأخوية التي تجمع الشعبين المصري والكويتي؛ فالجالية المصرية الكبيرة في الكويت تحظى بتقدير ورعاية فائقة من القيادة والشعب الكويتي، في تجسيد حقيقي للمحبة والود المتبادل. ولا يزال الدور المصري التاريخي محفورًا في ذاكرة الكويتيين، الذين يكنون لمصر كل معاني التقدير والعرفان.

زخم في العلاقات الثنائية تحت قيادة السيسي

شهدت العلاقات المصرية الكويتية دفعة قوية وزخمًا ملحوظًا خلال فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أولى اهتمامًا خاصًا لتعزيز هذه الروابط التاريخية، وجسّدت زيارات الرئيس المتكررة إلى الكويت حرص القيادة المصرية على النهوض بالتعاون الثنائي في شتى المجالات الحيوية، انطلاقًا من الإيمان بوحدة الهدف والمصير والتطلع المشترك نحو مستقبل أكثر ازدهارًا.

وتكتسب هذه الزيارات أهمية مضاعفة في ظل التحديات الجسام التي تواجه المنطقة العربية والإسلامية، مؤكدة على ضرورة تضافر الجهود وتعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة هذه التحديات والتهديدات التي تستهدف مستقبل المنطقة.

تبادل الزيارات واللقاءات يعكس عمق الشراكة

شهدت الأشهر الأخيرة نشاطًا مكثفًا في تبادل الزيارات والاتصالات رفيعة المستوى بين البلدين، مما يعكس حرص القيادتين على التنسيق المستمر وتعزيز التعاون المشترك. ففي الثاني من فبراير 2025، استقبل الرئيس السيسي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية بدولة الكويت، الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، لبحث سبل تعزيز التعاون الأمني والعسكري.

وقبيل ذلك، تبادل الرئيس السيسي وأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم في اتصال هاتفي يعكس روح الأخوة والتواصل الدائم بين القيادتين. كما قام الرئيس السيسي بزيارة للكويت في ديسمبر 2023 لتقديم واجب العزاء في وفاة الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، مؤكدًا على عمق الروابط التي تجمع البلدين.

وتستمر مظاهر الدعم المتبادل في الظهور من خلال تصريحات المسؤولين والمتابعة الإعلامية؛ فقد أبرزت الصحف الكويتية في مايو 2023 تأكيد الرئيس السيسي على حرص مصر الدائم على تعزيز دورها القومي في دعم مسيرة العمل العربي المشترك، كما سلطت الضوء على كلمته الهامة خلال القمة العربية في جدة، والتي أكد فيها على أن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ.

كما عكست برقيات التهنئة والتعزية المتبادلة بين قيادتي البلدين، في مناسبات مختلفة مثل ذكرى انتصارات حرب أكتوبر وحادث حريق كنيسة أبي سيفين، عمق المشاعر الأخوية والروابط الإنسانية التي تجمع الشعبين.

وتؤكد اللقاءات الثنائية على هامش القمم والمؤتمرات الإقليمية والدولية، مثل لقاء الرئيس السيسي مع ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح على هامش "قمة جدة للأمن والتنمية" في يوليو 2022، على التنسيق المستمر في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

إن مسيرة العلاقات المصرية الكويتية، الممتدة لأكثر من ستة عقود، تشكل نموذجًا فريدًا للعلاقات بين الدول الشقيقة، هذه العلاقة، القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، تستمر في التطور والازدهار، مؤكدة على دور البلدين المحوري في تعزيز الاستقرار والرخاء في المنطقة. ومع استمرار التحديات الإقليمية والدولية، تزداد أهمية هذه "الشراكة الاستراتيجية" التي تتطلع بثقة نحو مستقبل أكثر إشراقًا وتعاونًا.