في واحدة من أكثر الأزمات إثارة للجدل التي شهدها قطاع التعليم الطبي في مصر مؤخرًا، تم إيقاف 8 أطباء امتياز عن العمل في مستشفيات قصر العيني جامعة القاهرة، وتحويلهم للتحقيق بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
تلك المنشورات عبرت عن استغاثة للأطباء الذين يواجهون معاناة حقيقية فيما يخص ظروف العمل وسوء تنظيم التدريب الطبي، تلك القضية لا تقتصر على كونها خلافًا إداريًا فحسب، بل تثير العديد من الأسئلة حول حرية التعبير، حقوق الأطباء، وأوضاع التدريب في المستشفيات الجامعية، التي يفترض أن تكون مراكز لتخريج أفضل الأطباء.
بداية الأزمة
وتعود جذور الأزمة إلى منشورات تداولها أطباء الامتياز في مستشفيات قصر العيني جامعة القاهرة على منصات التواصل الاجتماعي في مطلع أبريل 2025، حيث استغاثوا بالجهات المعنية بسبب ما وصفوه بـ"التعسف الإداري" في تعامل المستشفى معهم، وفقًا للأطباء، كانوا يُجبرون على الحضور اليومي لبصمات الحضور والانصراف دون مهام تدريبية أو تعليمية واضحة.
علاوة على ذلك، طالبوا بتحسين أوضاعهم المالية، حيث كانت رواتبهم تتراوح حول 2800 جنيه فقط، وهو ما يتناقض مع ما ينص عليه قانون تنظيم شؤون أعضاء المهن الطبية رقم 153 لسنة 2019، والذي يقضي بأن يتقاضى طبيب الامتياز 80% من راتب الطبيب المقيم، الذي يفترض أن يتجاوز 5000 جنيه شهريًا.
كان من بين مطالبهم الأخرى إلغاء بصمتي الحضور والانصراف، التي تُعتبر من الإجراءات الإدارية التي لا تُضاف إلى التدريب العملي الفعلي، بالإضافة إلى ضرورة وضع برنامج تدريبي متكامل يساهم في تطوير مهاراتهم الطبية بدلًا من نظام تقليدي يتسم بالجمود.
وأمس الثلاثاء 15 أبريل 2025، تفاجأ 8 من أطباء الامتياز بمستشفيات قصر العيني بقرار إيقافهم عن العمل وتحويلهم للتحقيق، دون أي إخطار رسمي أو بيان توضيحي، وهذا القرار الذي لم يُفصح عن أسباب واضحة له، أثار موجة من الغضب بين الأطباء في المستشفيات الجامعية الأخرى، الذين اعتبروا أن ما جرى يمثل محاولة للحد من حرية التعبير، كما تساءل البعض عن مدى قانونية القرار في ظل غياب أي محضر رسمي أو إجراءات قانونية مُعلنة.
رواية أطباء قصر العيني جامعة القاهرة
في بيان مشترك، عبر الأطباء الموقوفين عن استيائهم العميق من الأوضاع التي يعيشونها، مؤكدين أن سنة الامتياز في قصر العيني جامعة القاهرة لم تكن الفرصة التي يتطلعون إليها لتطوير مهاراتهم الطبية.
وقالوا في بيانهم إنهم يُجبرون على الحضور يوميًا لمدة 8 ساعات، بما في ذلك أيام لا تحتوي على نوبتجيات، دون أن يتاح لهم التدريب الفعلي أو الفرصة للتعلم بشكل حقيقي.
وأضاف الأطباء، أنهم حاولوا تقديم شكاوى إلى إدارة المستشفى بشأن سوء التنظيم، إلا أن هذه الشكاوى قوبلت بالتجاهل، وهو ما دفعهم للتوجه إلى وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر وحيد للتعبير عن معاناتهم.
رد قصر العيني جامعة القاهرة
في تصريح رسمي من مستشفيات قصر العيني جامعة القاهرة، أكد مصدر مسؤول، أن المستشفى لم يصدر أي قرار بإيقاف الأطباء، موضحًا أن أي قرارات من هذا النوع تُتخذ من قبل رئيس جامعة القاهرة، وليس من قبل إدارة المستشفيات.
كما أكد المصدر، أنه لا يوجد أي قرار بإيقاف الطلاب، وما ظهر على منصات مواقع التواصل الاجتماعي عار تماما من الصحة، كما أن القرارات من صلاحية رئيس الجامعة وليس المستشفى.
هذا التصريح، الذي لا يتطابق مع ما تم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي، أثار المزيد من التساؤلات حول خلفية القرار ومدى صحته، ورغم نفي المستشفى، لم يصدر حتى هذه اللحظة أي بيان رسمي من جامعة القاهرة يوضح موقفها من الواقعة.
زاوية قانونية
من منظور قانوني، تشير المادة 153 من قانون تنظيم شؤون أعضاء المهن الطبية إلى أن طبيب الامتياز يجب أن يتقاضى 80% من راتب الطبيب المقيم، أي حوالي 5600 جنيه شهريًا، وفقًا للحد الأدنى المحدد في هذا القانون، إلا أن الأطباء في قصر العيني جامعة القاهرة أكدوا أنهم يتقاضون 2800 جنيه فقط، ما يعني وجود تفاوت واضح بين الرواتب المحددة قانونيًا والرواتب الفعلية التي يتلقونها، وهو ما يعد انتهاكًا صريحًا للحقوق المالية للأطباء.
أما فيما يخص إيقاف الأطباء دون إخطار رسمي أو محضر تحقيق، فإنه يعتبر مخالفة واضحة للإجراءات القانونية المتبعة، وهو ما قد يعرض المسؤولين للمسائلة القانونية إذا تم إثبات حدوث انتهاك لحقوق الأطباء.
نقابة الأطباء
من جانبها، أعلنت نقابة الأطباء أنها تتابع عن كثب تطورات الأزمة، وأكدت أنها ستتدخل قانونيًا إذا ثبت وجود انتهاك لحقوق الأطباء.
وقال مصدر من نقابة الأطباء، إن النقابة تسعى لضمان تحسين ظروف العمل والتعليم في المستشفيات الجامعية، مطالبًا بضرورة فتح حوار موسع بين الجهات المعنية والأطباء لوضع آليات من شأنها تحسين النظام التعليمي الطبي في مصر.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
){kind=link}