ساعات تفصلنا عن اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري المقرر غدًا، الخميس 17 أبريل 2025، حيث تتجه الأنظار نحو قرار حاسم سيؤثر على مسار الاقتصاد المصري في ظل متغيرات اقتصادية معقدة.
ويترقب المستثمرون والأسواق قرارا بشأن أسعار الفائدة على الإيداع، والذي يبلغ حاليا (27.25%)، والإقراض الذي يبلغ (28.25%)، وسط توقعات حديثة تشير إلى ميل نحو خفض الفائدة كخطوة أولى في دورة تيسير نقدي، بينما يدعو آخرون إلى التثبيت لمواجهة ضغوط تضخمية جديدة، جراء الصراعات التجارية بين أمريكا والصين خلال هذه الأيام.
ويستعرض هذا التقرير من بانكير، أحدث التوقعات من المؤسسات المالية الدولية والخبراء لما سيحدث غدا خلال اجتماع البنك المركزي المصري، سواء كان القرار خفض أسعار الفائدة أو تثبيتها.
الاقتصاد المصري.. بين التعافي والتحديات

يأتي اجتماع الغد في ظل تحسن ملحوظ في بعض المؤشرات الاقتصادية المصرية، حيث سجلت الاحتياطيات الأجنبية ارتفاعا إلى 47.26 مليار دولار بنهاية يناير 2025، مدعومة بتدفقات استثمارية مثل صفقة رأس الحكمة وتحويلات المصريين بالخارج التي قفزت بنسبة 47.1% إلى 26.3 مليار دولار خلال 11 شهرا من 2024.
ولكن تظل التحديات قائمة، لاسيما
بعدما عاد التضخم للارتفاع في مارس 2025 إلى 13.6%، بعدما سجل تراجعا في فبراير إلى 12.8%، وذلك مدفوعا بزيادة أسعار الغذاء 23.6% للفاكهة خلال رمضان، وارتفاع أسعار الوقود مؤخرا، مما أضاف تعقيدا لقرار اللجنة.
كما أن التوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار السلع العالمية يشكلان مخاطر مستمرة، بينما يظل الناتج المحلي دون طاقته القصوى، مع معدل بطالة بلغ 6.4% في الربع الأخير من 2024.
ماذا سيحدث في اجتماع البنك المركزي غدا؟

تعكس توقعات المؤسسات الدولية والخبراء الاقتصاديين، انقساما بين التفاؤل ببدء التيسير النقدي والحذر من الضغوط التضخمية، ونستعرض فيما يلي تحليل لأبرز الرؤى الاقتصادية بشأن قرار البنك المركزي غدا.
إنتربرايز: خفض بمقدار 200-300 نقطة أساس
أفادت نشرة "إنتربرايز" الاقتصادية، في تقرير نشر في 14 أبريل 2025، أن إجماع المحللين يتوقع خفض أسعار الفائدة بمقدار 200 إلى 300 نقطة أساس في اجتماع الغد.
ويستند هذا التوقع إلى تراجع التضخم الأساسي إلى 9.4% في مارس 2025، وتحسن تدفقات النقد الأجنبي، مما يوفر مساحة لتخفيف السياسة النقدية.
ويرى المحللون أن هذا الخفض سيحفز الاستثمار الخاص ويدعم النمو الاقتصادي المتوقع بنسبة 4.2% للسنة المالية 2024/2025.
ستاندرد تشارترد: تثبيت في أبريل وخفض في مايو
أكدت كارلا سليم، خبيرة الاقتصاد بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بنك ستاندرد تشارترد، في تصريحات اعلامية، أن البنك المركزي سيبقي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع الغد، مع توقع خفض بنسبة 2% (200 نقطة أساس) في اجتماع مايو 2025.
وترى سليم أن ارتفاع التضخم في مارس إلى 13.6%، إلى جانب زيادة أسعار الوقود، يتطلب حذرا، لكن تحسن توقعات التضخم واستقرار سعر الصرف يدعمان بدء التيسير النقدي قريبا.
فيتش: خفض تدريجي مع تراجع التضخم
توقعت وكالة فيتش، أن يبدأ البنك المركزي دورة تيسير نقدي في 2025، مع خفض تراكمي لأسعار الفائدة بنحو 900 نقطة أساس بحلول نهاية العام المالي 2025/2026.
وتشير فيتش إلى أن تراجع التضخم إلى 10.5% بنهاية 2025/2026، مدعومًا باستقرار سعر الصرف، سيسمح بخفض الفائدة في أبريل بنسبة 100-200 نقطة أساس كخطوة أولية.
خبراء: خفض محتمل بنسبة تصل إلى 3%
توقع خبراء اقتصاديون خفض أسعار الفائدة بنسبة تصل إلى 3% (300 نقطة أساس) في اجتماع 17 أبريل، ويعزى هذا التوقع إلى تباطؤ التضخم الأساسي إلى 10% في فبراير 2025، واستمرار استقرار السوق المصرفية بعد تثبيت الفائدة في فبراير.
ويحذر بعض الخبراء من أن ارتفاع أسعار المحروقات قد يحد من وتيرة خفض أسعار الفائدة لاسيما وأن الأسواق الآن تعيش حالة من الترقب، مع توقعات متباينة بين تثبيت الفائدة أو خفض طفيف بنسبة 1-2%.
ويرجع هذا الانقسام إلى ارتفاع أسعار الوقود وتأثيره على التضخم، مقابل تحسن المؤشرات مثل انخفاض التضخم الأساسي واستقرار الجنيه، بالإضافة إلى أن تباطؤ التضخم الأساسي إلى 9.4% في مارس يعطي أملا بأن الضغوط التضخمية مؤقتة، مما قد يدعم قرار الخفض غدا.
العوامل المؤثرة على قرار سعر الفائدة

يواجه البنك المركزي معادلة معقدة، حيث تتفاعل العوامل التالية:
- انخفاض التضخم الأساسي إلى 9.4% في مارس 2025 وتوقعات باستمرار التراجع إلى 10.5% بنهاية 2025/2026 يدعم خفض الفائدة، لكن ارتفاع التضخم العام إلى 13.6% في مارس يتطلب حذرًا.
- استقرار العملة، وتحسن توافر العملة الأجنبية يقلل الحاجة إلى فائدة مرتفعة لجذب رؤوس الأموال، لكن أي خفض كبير قد يضغط على الجنيه إذا تراجعت التدفقات.
- يدعم الناتج المحلي المنخفض عن طاقته القصوى قرار خفض الفائدة لتحفيز الاستثمار، خاصة مع انخفاض البطالة إلى 6.4%.
- زيادة أسعار الوقود وتأثير التوترات الجيوسياسية على أسعار الطاقة قد تدفع البنك إلى نهج أكثر تحفظًا.
التأثيرات المحتملة لقرار البنك المركزي
أولا: خفض الفائدة (200-300 نقطة أساس):
سيؤثر قرار خفض الفائدة على تحفيز الاقتصاد، حيث سيخفض تكلفة الاقتراض، مما يعزز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية ويدعم النمو.
كما سيؤثر على شهادات الادخار، حيث قد تتراجع عوائد الشهادات مرتفعة العائد (مثل 27%)، مما يدفع البنوك لابتكار أدوات ادخار جديدة.
كما سيؤدي خفض أسعار الفائدة إلى وجود ضغط على الجنيه المصري، حيث قد يؤدي إلى خروج رؤوس أموال مؤقت، يتطلب تدخل البنك المركزي.
ثانياً: تثبيت أسعار الفائدة:
يتوقع الخبراء أن استقرار أسعار الفائدة سيحافظ على مكاسب كبح التضخم ويعزز ثقة المستثمرين الأجانب، كما سيمثل ضغط على معدل النمو، حيث أن استمرار الفائدة المرتفعة قد يحد من الاقتراض ويؤخر تعافي القطاع الخاص.
الاقتصاد المصري ومصير أسعار الفائدة
ومع اقتراب قرار لجنة السياسة النقدية، تتجه الأنظار نحو ما إذا كان البنك المركزي سيبدأ دورة تيسير نقدي أم سيحافظ على نهج الحذر.
وتشير أحدث التوقعات، كما ذكرنا في التقرير، خاصة من إنتربرايز وفيتش، إلى ميل نحو خفض الفائدة بمقدار 200-300 نقطة أساس، مدعومًا بتراجع التضخم وتحسن المؤشرات.
ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار الوقود والتضخم في مارس، كما أشارت ستاندرد تشارترد والخبراء، قد يدفع البنك إلى التثبيت.
وبين هذا وذاك يظل الهدف الأسمى هو تحقيق توازن بين تحفيز النمو وحماية استقرار الأسعار، في لحظة اختبار حقيقية للسياسة النقدية المصرية، فهل يستطيع البنك المركزي تحقيق ذلك.. هذا ما سنشهده خلال الأيام المقبلة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.