نجح العلماء في تطوير تقنية قياسية قادرة على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود اصطناعي في زمن قياسي لا يتعدى رُبع ساعة، وفق نتائج دراسة حديثة اطّلعت نتائجها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وشكّل تحويل الغاز الذي يُعد الرقم الأبرز في معادلة تحول الطاقة إلى وقود يمكن الاستفادة منه في تسريع جهود إزالة الانبعاثات، تحديًا صعبًا.
واكتشف الباحثون محفزًا جديدًا يُطلق عليه فثالوسيانين الكوبالت (cobalt phthalocyanine)، وهو مركب عضوي يعمل على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى غاز أول أكسيد الكربون الذي يُعد وسيطًا مهمًا لإنتاج الوقود الاصطناعي من ثاني أكسيد الكربون.
ويُراهَن على تقنية تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود في تجاوز أحد التحديات التي تتضمنها عملية إنتاج الوقود الاصطناعي عبر تحسين كفاءة الطاقة وخفض التكاليف المرتبطة باستعمال ثاني أكسيد الكربون.
ويُعد ثاني أكسيد الكربون المصدر الرئيس لانبعاثات غازات الدفيئة، غير أن تركيزه يبقى أقل نسبيًا في الغلاف الجوي، قياسًا بالغازات المفلورة -على سبيل المثال- إذ يلامس نحو 400 جزء في المليون من الهواء.
غاز واعد
يستكشف الباحثون منذ مدة طويلة طرقًا لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى مواد كيميائية قيمة؛ إذ يُعد أول أكسيد الكربون من بين أكثر الغازات الواعدة في هذا الخصوص، لكونه مادة أولية رئيسة لتصنيع الوقود الاصطناعي.
وتعاني تقنيات تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد كربون ارتفاع تكلفة المواد الخام، وعدم الاستقرار والكفاءة المنخفضة، إلى جانب مدة المعالجة الطويلة التي تستغرق قرابة 24 ساعة.
ونجح الباحثون في جامعتي توهوكو وهوكايدو اليابانيتين وشركة أزول إنرجي (AZUL Energy) في تجاوز التحديات عبر تقليص مدة المعالجة إلى 15 دقيقة فقط.
وقال الباحث في جامعة توهوكو ليو تينغي، إن "تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون هو موضوع مُلِح في الوقت الراهن على أجندة حلول مواجهة تغير المناخ، غير أن التقنيات التقليدية تشوبها عيوب كبيرة نرغب في معالجتها"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأضاف تينغي: "المواد الخام كانت مرتفعة التكلفة، وغير مستقرة، وذات انتقائية محدودة، كما أنها تستغرق وقتًا طويلاً لإعدادها، وبناءً عليه فلن يكون ممكنًا استعمالها في بيئة صناعية حقيقية".
تحويل ثاني أكسيد الكربون
تُعدّ طرق التحويل الحالية لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون، عمليةً معقدةً وتستغرق وقتًا طويلاً يصل إلى 24 ساعة، كما أنها تشمل مزج الكربون الموصل مع المواد الرابطة، يليه التجفيف والمعالجة الحرارية.
وطوّر الباحثون تقنية مبتكرة وبسيطة تعتمد على الفثالوسيانينات (Pcs) -وهي مركبات عضوية من السهل الحصول عليها وغير مكلفة تُستعمَل كصبغات-.
ومن أجل تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون بطريقة معززة، اختبر الباحثون معادن تحتوي على مركبات الفثالوسيانينات وأخرى خالية من تلك المركبات (الحديد والكوبالت والنيكل والنحاس).
وطبّق الباحثون المركبات العضوية المذكورة عبر رشها على أقطاب انتشار الغاز جي دي إي (GDE)؛ ما نتج عنه بناء طبقات بلورية مباشرة على السطح، ومن بين المواد التي جرى اختبارها، أظهر فثالوسيانين الكوبالت (CoPc) أفضل كفاءة في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون.
وقالت جامعة توهوكو: "هذه الطريقة التي تشبه الغرافيتي لنشر المحفز على سطح تقلّل من وقت المعالجة النموذجي إلى 15 دقيقة فقط"، وفق بيان صحفي منشور على موقعها الرسمي، طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويؤدي أول أكسيد الكربون دورًا رئيسًا في الوقود بوصفه وسيطًا في مخاليط الغاز مثل الغاز الاصطناعي والغاز المُنتِج، التي تُستعمَل بدرجة أكبر أو حتى تُحول إلى أنواع وقود أكثر أمانًا وملاءمة.
والغاز المُنتِج هو وقود يُصنّع عبر نفخ الهواء والبخار في آنٍ واحد عبر نار فحم الكوك أو الفحم، ويتكوّن أساسًا من أول أكسيد الكربون والهيدروجين، بالإضافة إلى كميات من النيتروجين والهيدروجين.
أفضل مادة حفّازة
أظهرت التقنية الجديدة لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون استقرارًا طويل الأجل عبر المحافظة على أداء ثابت لمدة تصل إلى 144 ساعة كثافة تيار تبلغ 150 مللي أمبير/سم².
ويشير التشغيل المستدام في ظل الظروف الكهروكيميائية ذات الصلة إلى إمكان التطبيق العملي والمتواصل لتلك التقنية.
وكشفت الدراسة النقاب عن السر الذي يفسّر الأداء الرائع للتقنية الجديدة، وهو أن التبلور المباشر للفثالوسيانينات قد أدّى إلى جزيئات متراصة بكثافة، ليتحقق بذلك التدفق الفعال للإلكترونات اللازمة لعملية التحويل.
ويرى فريق البحث أن "الفثالوسيانينات لا تُعد أفضل مادة حفازة قائمة على البوليمر لإنتاج أول أكسيد الكربون حتى الآن فحسب، بل إنها تتجاوز بنجاح المعايير الصناعية من حيث معدل تفاعلها واستقرارها، فتلك المادة هي أول محفّز يحقّق هذا الشرط على الإطلاق".
وبناءً عليه فإن تقنية تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود تُظهِر إمكانات كبيرة وواعدة بوصفها حلًا من الجيل التالي لتقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: