أخبار عاجلة

عبد الرحيم التوراني: احتميت بالكلمات في العدوان الإسرائيلي على لبنان

عبد الرحيم التوراني: احتميت بالكلمات في العدوان الإسرائيلي على لبنان
عبد الرحيم التوراني: احتميت بالكلمات في العدوان الإسرائيلي على لبنان

“تحت القصف” سطر الكاتب الصحافي المغربي عبد الرحيم التوراني أحدث مؤلفاته الصادرة عن دار توبقال للنشر بعنوان “يوميات مغربي في حرب إسرائيل على لبنان (2024)”.

وقدّم الشاعر والناقد اللبناني بول شاوول المؤلَّف الجديد، خاطا: “الكاتب المغربي عبد الرحيم التوراني، المتعدد في توجهاته وثقافته، يكتب عن بيروت، وعن أجوائها؛ وما كتبه في يومياته ‘تحت القصف’ هو سفر عميق ملتبس، بين ما يعتمله الواقع وما يدهشه الخبيء، بلغة مفتوحة بدقائقها وانتظاراتها ودهشتها، وحتى خيباتها، تماما ككل لبناني كابد في الأوقات الملتبسة ما يوحي بما تراكم من مثالب واهتزازات التاريخ وكسور الزمن”.

وفي حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية؛ قال الكاتب عبد الرحيم التوراني إن كتابة اليوميات تحت القصف لم تكن مجرد فعل توثيقي أو مشروع أدبي، بل كانت حاجة نفسية ووجودية، مضيفا أنه كان يكتب ليتأكد أنه ما زال يتنفس، وأنه على قيد الحياة وسط جحيم لا يوصف.

ويشدد التوراني على أنه لم يكن هناك ملجأ سوى الكتابة في تلك الظروف، فصارت الصفحات ملاذة الوحيد، يكتب فيها خوفه وارتباكه وأسئلته التي لا إجابات لها، وأضاف أن ما كتبه لم يكن يوميات سرية، بل شهادة مفتوحة على الألم والذهول، أراد أن يقرأها الآخرون، وأن تصلهم الحقيقة التي لا تنقلها الكاميرات. لأن من عاش الحرب يعرف كم الكلمات عاجزة أمامها.

نص الحوار:

– كيف وثّقت يوميات الحرب الإسرائيلية على لبنان وهي تحت القصف؟

شاءت الأقدار، أو المصادفات، أن أكون مقيما في بلاد الأرز لما شنت إسرائيل حربها العدوانية على لبنان الصيف الماضي.

لطالما اعتقدت مثل كثيرين غيري من اللبنانيين أن الحرب مهما اشتد أوارها فلن تمتد نيرانها المشتعلة في الجنوب لتشمل باقي خريطة البلد، وأنها ستستهدف على الخصوص العاصمة بيروت وضاحيتها المعروفة بكونها معقل حزب الله، ليبدأ فصل جديد من الفصول الممتدة عبر تاريخ الصراع في ما يسمى “الشرق الأوسط”. كأنه صراع بلا نهاية… وكأن نقطة إخماده تتجاوز القيامة..!.

كنت دائما أقرأ عن الحروب وويلاتها، وكم سمعت وشاهدت من تقارير وقصص وأفلام سينمائية ووثائقية حول الحروب بأكثر من بقعة في هذا العالم، فإذا بي أجدني مباشرة، ويا ويلي، تحت قصف الصواريخ وقذائفها المبيدة… إن الأمر لجد مختلف بين هذا وذاك، كما لو أننا إزاء المثل العربي القديم، وطبعا مع الفارق في الدلالة والسياق: “أن تسمع بالمعيديِّ خيرٌ من أن تراه”، إذا اعتبرنا أن المعيدي، الذي هو اسم رجل، أصبح هو الحرب…

لا يمكن لأي أحد مهما اجتهد، ومهما روض الحروف والكلمات، وابتدع من المعاني والصور اللفظية والمشهدية، أن ينقل لك حقيقة الحرب كما هي. إن ما تتابعه من صور وتقارير إعلامية ونقل تلفزي مباشر لا يمثل سوى جزء من الحقيقة، أما حقيقة الحرب فلا يعلمها سوى ضحاياها ومن عانوا من فظائعها وأهوالها، وكابدوا حجم القسوة والوحشية المروعة الملازمة لها.

كيف يمكن تصوير جحيم الحرب؟! لا. كأنك تطلب من ميت أن يحدثك عن مصرعه وعن أشلائه الممزقة وعن فورة دمه المستباح! لم أجد ترفا من الوقت لأطرح على نفسي سؤال ماذا علي فعله أمام بشاعة هذا الصراع الإنساني ووحشية جرائم الحرب. كان علي أن أخاطب هواجسي وألوك خوفي وأحتمي بالصمت، كوني عدمت الإجابة المرغوبة التي تلح في طلبها النفس.

– لماذا اخترت توثيق تجربة الحرب بكتابة اليوميات؟

لم أكن أفكر في كتابة هذه اليوميات بالصيغة التي ظهرت بها، ما كان يهمني أساسا هو نقل مشاعري وأفكاري، وترجمة الصراعات الداخلية التي عشتها في تلك الأوقات الرهيبة. مع ذلك سأكتشف حجم الاحتمالات المحدودة للكتابة بهذا الصدد، لكني لا أخفيك أن هذه الكتابة الواعية ساعدتني على البقاء، على اكتساب قدر من الوضوح والحضور، والوعي الذاتي واكتساب رؤى عميقة حول معنى الموت والحياة.

كانت الكتابة بمثابة إعلان لي شخصيا قبل الآخرين من أهلي وأصدقائي أني مازلت أتنفس تحت موج حرائق الحرب.

كتابة يومياتي خلال الحرب كانت تُريحني نفسيا، لأنها مكّنتني من التخلص من قيود الهواجس والخوف، وساعدتني إلى حد ما في التعبير عن نفسي بصدق. كنت أكتب يوميات ليقرأها الآخرون، وليس يوميات سرية خاصة يُخشى أن يطلع عليها أحد ما. وقد سعيت ما أمكنني إلى أن أكون منفتحًا على التعرّف على نفسي أثناء الكتابة تحت القصف ودوي خرق جدار الصوت.

لقد جعلت من كتابة يومياتي تحت القصف بمثابة ملاذي الخاص للتنفيس عن مشاعري وتجاوزها، وفرصة لتدوين أفكاري. كنت أكتب صباحا بعد الاستيقاظ مباشرةً… وقد أصبحت هذه العادة جزءًا من روتيني اليومي.

وحدها تدوينات وتصريحات أفيخاي أدرعي كانت بمثابة صفارات الإنذار من الغارات الجوية الإسرائيلية التي تحدث بوقت قصير، خاصة في الضاحية.

لذلك لم يكن لدي مكان آخر، مكان آمن أحتمي فيه من ويلات الحرب، فكانت كتابة اليوميات هي ملاذي، هي المكان الآمن والخاص الذي احتميت به. وما من ملاذ للهرب والاختباء، ومن ملاجئ تحت أرضية، وما من صفارات إنذارات.

– ما الذي يجده القارئ بعين مغربية حول الحرب على لبنان والقضية الفلسطينية؟

تسألني عما يمكن أن يجده القارئ بعين مغربية حول الحرب على لبنان، والقضية الفلسطينية…؟ أعتقد أن العين في الحروب تفتقد جنسياتها وألوانها وانتماءاتها الطائفية والعرقية، ولا تبقى غير عين الإنسان، هذا الكائن البشري الذي لا يكف عن ارتكاب الخطيئة وتكرار الخطايا العمياء.

لست ممن يفكرون في تقديم المواعظ والنصائح والتوجيهات، إن كل شيء واضح وأكثر من الوضوح نفسه؛ أن تكون إنسانا أو وحشا مجرما بلا مشاعر… مع الأسف نعيش اليوم هجوما وإساءة تطال نبل القضية الفلسطينية، وفهما مغلوطا أكثر من أي وقت مضى للصراع في الشرق الأوسط وفي المنطقة العربية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الصين تواجه "رسوم ترامب" بدعم حكومي ضخم لتحفيز السوق المحلية لإنقاذ التصدير
التالى أدباء مصر والسودان يحتفون بإبداعات شاعر السودان الكبير محمد المكي ابراهيم في أتيليه القاهرة