شهد المستشفى الإقليمي في تنغير، اليوم الجمعة، تنظيم حفل تكريم مميز على شرف الممرض متعدد التخصصات إلياس الشتيوي، العامل بالمركز الصحي آيت حمو وسعيد بمنطقة أمسمرير، إلى جانب عدد من القابلات العاملات بكل من المركز الصحي بأمسرير والمستشفى الإقليمي بتنغير، إضافة إلى طبيب النساء والتوليد، وذلك تقديرا لتدخلهم البطولي والإنساني الذي ساهم في إنقاذ حياة امرأة ورضيعها في منطقة نائية وسط ظروف طبيعية صعبة.
ترأس هذا الحفل التكريمي المدير الجهوي للصحة والحماية الاجتماعية، محمد خصال، بحضور المندوب الإقليمي للوزارة بتنغير، مصطفى الطيب، ومدير المستشفى الإقليمي، مولاي أحمد حجي، إلى جانب عدد من الأطر الصحية والعاملين بالقطاع، حيث تم تسليم رسائل شكر وتقدير موقعة من طرف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، إلى المكرمين، اعترافا بجهودهم وتفانيهم في أداء واجبهم المهني والإنساني.
تضحية في صمت
تعود تفاصيل هذه الواقعة المؤثرة إلى مساء يوم الأحد الماضي، حين استدعي الممرض إلياس الشتيوي بشكل عاجل إلى أحد الدواوير الجبلية المعزولة، بعد أن داهم المخاض امرأة حبلى في منطقة نائية تابعة لجماعة أمسمرير، في وقت كانت فيه السيول والفيضانات قد تسببت في قطع الطرق والمسالك، ما جعل الوصول إلى أقرب مؤسسة صحية مجهزة أمرا مستحيلا.
وعند وصوله إلى منزل المعنية، حاول الممرض تقديم المساعدة الأولية، غير أن الحالة الصحية للمرأة كانت معقدة وتتطلب تدخلا متخصصا يتجاوز مجال تكوينه كممرض عام، ورغم صعوبة الوضع، لم يتردد إلياس الشتيوي في التصرف بما تمليه عليه مسؤوليته الإنسانية.
لكن الطبيعة كان لها رأي آخر، حيث حالت السيول دون القيام بعملية نقل الحبلى، ليجد الممرض نفسه مضطرا إلى إجراء عملية التوليد في عين المكان، حيث اتصل بمولدة المركز الصحي بأمسرير كوثر النميلة، ومولدات بالمستشفى الإقليمي بتنغير، لمواكبته في العملية، وقد تمكن، بفضل رباطة جأشه وتفانيه، من توليد المرأة بنجاح وإنقاذ حياتها وحياة مولودتها، في واحدة من الصور النادرة للتضحية ونكران الذات.
إشادة مركبة
لقي هذا التدخل البطولي إشادة واسعة من طرف المسؤولين المحليين والجهويين، حيث عبر المدير الجهوي للصحة والحماية الاجتماعية، محمد خصال، عن فخره واعتزازه بكفاءة الأطر الصحية العاملة في المناطق النائية، مبرزا أن مثل هذه النماذج تعطي المعنى الحقيقي للرسالة الصحية في بعدها الإنساني والاجتماعي.
كما أكد المدير الجهوي للصحة والحماية الاجتماعية بدرعة تافيلالت أن هذا التكريم ليس فقط اعترافا بمجهود فردي، بل هو تكريم لنساء ورجال الصحة الذين يشتغلون في ظروف صعبة، ويؤدون مهامهم بكل تفان رغم الإكراهات.
رسالة أمل
في كلمة مقتضبة خلال حفل التكريم، عبر الممرض إلياس الشتيوي عن امتنانه لهذا الاعتراف، معتبرا أن ما قام به هو جزء من واجبه المهني والإنساني، مشددا على أن العمل في المناطق النائية يقتضي روح المبادرة، والتضامن والاستعداد الدائم لمواجهة الطوارئ.
ويأتي هذا التكريم ليضيء جانبا من التحديات اليومية التي تواجه الأطر الصحية في المغرب العميق، كما يبرز الحاجة المتجددة لدعم وتعزيز الموارد البشرية واللوجيستيكية في هذه المناطق، بما يضمن الحق في الصحة لجميع المواطنين على قدم المساواة.
وأجمع عدد من المهتمين، في تصريحات متطابقة لهسبريس، على أن قصة الممرض إلياس الشتيوي، والقابلات والطبيب الذين شاركوا في هذا الإنجاز الإنساني، تمثل نموذجا حقيقيا لما يمكن أن يحققه الإخلاص والتفاني في العمل، حتى في أقسى الظروف، وهي دعوة لتسليط الضوء على أبطال “الواجب الصامت” الذين يواصلون أداء رسالتهم النبيلة بعيدا عن الأضواء، خدمة للوطن والمواطن.