أخبار عاجلة
تامر عبدالمنعم يدافع عن الصحفيين -

بين السطور...هل سلمنا مفاتيح عقولنا للآلة؟

بين السطور...هل سلمنا مفاتيح عقولنا للآلة؟
بين السطور...هل سلمنا مفاتيح عقولنا للآلة؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في المقال السابق، طرحت تساؤلًا مقلقًا عن حدود الإفراط في مشاركة بياناتنا على الإنترنت، وانعكاسات ذلك على خصوصيتنا في زمان باتت فيه خوارزميات الذكاء الاصطناعي تراقبنا وتتعلم منا وتستنتج عنا ما لا نعرفه عن أنفسنا أحيانًا. واليوم، وبعد انتهاء البرنامج التدريبي المتخصص في “التغطية الإعلامية لقضايا الأمن السيبراني”، أجدني أقف أمام معضلة أعمق: كيف يمكن لمجتمع يُبهره الذكاء الاصطناعي وانا جزء منه، أن نغضّ الطرف عن الغباء البشري المتنامي في طريقة التعامل معه؟

فبينما نندهش من قدرة الآلة على التعلم والتطور والرد والتنبؤ، نغفل عن ممارسات بشرية تتسم بقدر مرعب من اللامبالاة، بل والتواطؤ أحيانًا، مع هذا الزحف التكنولوجي.

وبالرغم  من أنه لا أحد ينكر أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة ثورية لا يمكن تجاهلها، لكنه في الوقت ذاته، يشكّل مرآة تعكس جهلنا الرقمي واستخفافنا بخصوصيتنا وحقوقنا.

لقد ناقش البرنامج التدريبي الذي نظمته  “MCS” شركة الشرق الأوسط لخدمات تكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومجموعة “30N”، عددًا من القضايا الحيوية التي لم تعد ترفًا معرفيًا، بل ضرورة وطنية، من بينها التأثيرات المجتمعية والأخلاقية لأدوات الذكاء الاصطناعي، وضرورة تطوير خطاب إعلامي واعٍ يواكب هذه التطورات، وينبه الجمهور لمواطن الخطر الكامنة في التعامل اليومي مع التكنولوجيا.

لكن الاستفادة الكبرى التي خرجت بها، أن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في الآلة التي تتعلم بلا حدود، بل في الإنسان الذي يتوقف عن التعلم، عن التساؤل، عن الحذر.

ففي وقتٍ تبني فيه الحكومات استراتيجيات للتحول الرقمي، وينادي المتخصصون بوضع أطر تشريعية تحكم أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي، ما زالنا نشارك صورنا، وموقع منزلنا، وتحركاتنا اليومية، على مرأى ومسمع من العالم الرقمي، دون أن ندرك أننا نساهم طوعًا في بناء ملف شخصي قد يُستخدم ضدنا في أقرب فرصة.

والغباء البشري هنا لا يعني قلة الذكاء، بل يشير إلى التهاون في المسؤولية الرقمية، والتساهل مع قوة لا نعرف لها سقفًا. كأنك تفتح الباب دون أن تسأل من الطارق، ثم تُفاجأ بانتهاك، فهذا لا يُعد خطأ الآلة… بل خطأك مع الأسف.

لقد آن الأوان أن نكف عن التعامل مع الذكاء الاصطناعي كأداة سحرية بلا عواقب وأن نتذكر دومًا أن الآلة لا تخطئ… بل تنفذ ما نغذيها به من بيانات وسلوكيات،وإذا كنا نغذيها بفوضانا، فستعيد إنتاج هذه الفوضى بألف وجه.

ختامًا، فإن ما تعلمته من هذا البرنامج لا يقتصر على معرفة تقنية، بل على يقظة فكرية وأن الذكاء الاصطناعي ليس خصمًا، بل  هو اختبار،واختبارنا الحقيقي فيه، هو أن نُثبت أننا ما زلنا الأذكى، والأكثر وعيًا.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بغرامات قيمتها 70 ألف جنيه.. حملات رقابية مكثفة بمحافظة الإسكندرية على الأسواق
التالى تمثيلية القيامة… لحظة روحية مميزة في قداس العيد