أخبار عاجلة

"رقصة الموت الإلكترونية".. مقال يكشف الحرب ...

"رقصة الموت الإلكترونية".. مقال يكشف الحرب ...
"رقصة الموت الإلكترونية".. مقال يكشف الحرب ...
العقارية

بينما تُطلق كل من الولايات المتحدة والصين سيمفونية حرب اقتصادية ضروس، تتناغم نغماتها الحادة بين صراع الرقائق الإلكترونية الحساسة وتصعيد التعريفات الجمركية الموجعة. على وقع قرع طبول هذه المعركة التريليونية، تتراقص دول وشركات عملاقة بخطوات متذبذبة، تهوي بالأسواق العالمية إلى مستويات غير مسبوقة من جهة، وتسحق سلاسل توريد عالمية لطالما حلمت البشرية ببنائها وتكاملها من جهة أخرى. وكأن هذه الألحان المعقدة والمثيرة التي تعزفها أكبر قوتين اقتصاديتين على وجه الأرض، تدق جرس إنذار مدوٍ يُنذر بسيناريوهات اقتصادية وخيمة لا تُحمد عقباها.

في نهاية عام 2024، بلغت هذه الرقصة المحفوفة بالمخاطر مستويات جديدة من الحدة والتعقيد (أو الانحدار، حسب زاوية رؤيتكم للأحداث)، مع فرض المزيد من التعريفات الجمركية المتبادلة والكثير من المناورات الاقتصادية الحادة.

جاء ذلك ضمن مقال نشره جمال المحاميد الرئيس التنفيذي لشركة بالميرا لحلول التكنولوجيا على CNN الاقتصادية.

تعمّق المقال في تفاصيل هذه الرقصة الاقتصادية المعقدة والشائكة، محاولًا أن نتبين بوضوح مَن يقود خطواتها ومَن يضطر إلى اتباع الإيقاع المفروض.

وكشف المقال أن العجز الهائل والمتفاقم في الميزان التجاري الأميركي، يفرض ضغوطًا هائلة على الولايات المتحدة، ويجبرها على عزف نغمات اقتصادية حزينة، خاصة في علاقتها التجارية المعقدة مع الصين. ويكفي لإدراك حجم هذا الاختلال أن تعلم بأن الولايات المتحدة استوردت بضائع صينية بقيمة مذهلة بلغت 439 مليار دولار، كان أهمها على الإطلاق المنتجات الإلكترونية المتطورة، بينما لم تتمكن في المقابل إلا من بيع بضائع بقيمة متواضعة بلغت 143.5 مليار دولار، كان أهم صادراتها إلى الصين فول الصويا الذي يستخدم في الغالب كعلف للخنازير، مع بعض الطائرات والآلات الأميركية.

وشبّه المقال هذا العجز التجاري الصارخ الذي بلغ 295 مليار دولار، بالثقب الأسود في الفضاء الاقتصادي، والذي عجزت الإدارات الأميركية المتعاقبة على مر السنين، عن إيجاد طريقة فعالة لإغلاقه.

ورأى أن الرئيس ترامب، المعروف بأسلوبه الاستعراضي الحاد، يبدو مصممًا بشكل قاطع على تقليص هذه الفجوة التجارية التاريخية، حتى لو كان ذلك يعني رفع التعريفات الجمركية إلى مستويات مذهلة وغير مسبوقة، وعلى جميع الدول سواء كانت صديقة أو معادية للولايات المتحدة على حدٍ سواء.

وكشف أن هذا العجز التجاري يُثقل كاهل الاقتصاد الأميركي باستمرار، ويتسبب في فقدان الوظائف في بعض القطاعات الصناعية وزيادة اعتماد السوق الأميركي على البضائع الصينية الرخيصة، ومع ذلك، فإنه يمثل أيضًا علامة واضحة على الطلب القوي من المستهلكين الأميركيين على المنتجات ذات التكلفة المنخفضة، والتي تتقن الصين صناعتها وتوريدها بكفاءة عالية.

وكشف المقال عن جوهر المشكلة وتعقيداتها؛ فالمستهلك الأميركي يبدي نفورًا واضحًا من ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية المحلية، كما أن تكلفة الصناعة والإنتاج في الولايات المتحدة تبقى أعلى بكثير منها في الصين، وذلك لأسباب هيكلية عديدة، أهمها على الإطلاق التكدس الكبير للأيدي العاملة الماهرة والمنخفضة التكلفة في السوق الصيني الضخم.

بالرغم من جرأة الرئيس ترامب في محاولاته المتعثرة حتى الآن، والتي تحوم حولها شكوك كبيرة بشأن قدرتها على تحقيق نتائج ملموسة، بقي القطار الاقتصادي الصيني يسير بخطى ثابتة إلى الأمام، متجاوزًا صراخ التعريفات الجمركية المتزايدة المفروضة على البضائع الصينية، والتي وصلت في بعض الحالات إلى 145%. هذا يعني ببساطة أن المنتجات الصينية المباعة حاليًا في الولايات المتحدة تخضع لضريبة تعادل 2.45 ضعف سعرها الأصلي.

وقال إنه وضع أشبه ببيع سيارة اقتصادية بسعر سيارة فاخرة باهظة الثمن. ونتيجة لذلك، اتخذت بعض الشركات العالمية تدابير استباقية للتكيف مع هذا الوضع الجديد، إما من خلال البحث عن أسواق بديلة لتصدير منتجاتها، أو عن طريق نقل مصانعها وعملياتها الإنتاجية إلى دول مجاورة للصين مثل الهند، كما فعلت شركة آبل العملاقة.

وأوضح أن أشباه الموصلات تُعد عنصرًا أساسيًا وحيويًا في عالم التكنولوجيا الحديثة، فهي بمثابة العقول المفكرة التي تُشغل جميع الأجهزة الإلكترونية التي اخترعتها البشرية، بدءًا من الهواتف الذكية التي نحملها في جيوبنا وصولًا إلى الأنظمة العسكرية المعقدة وتكنولوجيا الفضاء المتقدمة وغيرها الكثير، وقد نفذت الولايات المتحدة سلسلة من التدابير المختلفة بهدف الحد من وصول الصين إلى تقنيات أشباه الموصلات المتقدمة والمتطورة.

ومن جانبها، استثمرت الصين بكثافة وبشكل استراتيجي في تطوير صناعة أشباه الموصلات المحلية الخاصة بها، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأجنبية في هذا المجال الحساس. كما فاجأت الصين العالم بإطلاق نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر تحت اسم "دييبسيك"، والذي قلب الطاولة على كل ما توصلت إليه الشركات الأميركية الرائدة في هذا المجال؛ فبينما تعتمد النماذج الأميركية المتطورة على قدرة حاسوبية هائلة تتطلّب مراكز بيانات ضخمة تبلغ تكلفتها مئات المليارات من الدولارات، استطاع النموذج الصيني الجديد أن يرى النور بتكلفة متواضعة لا تتجاوز 5 ملايين دولار فقط، مما يثير تساؤلات جدية حول مستقبل التفوق التكنولوجي الأميركي.

ناهيك عن أطماع الصين الواضحة للسيطرة على تايوان، الجزيرة التي تستضيف أكبر مصانع إنتاج أشباه الموصلات في العالم، وهو الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى المسارعة لنقل بعض مصانع الشركة التايوانية العملاقة TSMC إلى أراضيها في السنوات الأخيرة لحماية هذه الصناعة الحيوية.

ووفقًا للمقال، فإن لعبة شد الحبل أو عض الأصابع التي مارستها الإدارات الأميركية المتعاقبة على الصين على مدى سنوات طويلة لم تثبت فعاليتها الكافية، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو المتانة الاستثنائية لسلاسل التوريد الصينية وقدرتها المذهلة على تحمل الضغط الأميركي المتزايد، وقد سبق لي أن سردت تفاصيل قوة سلاسل توريد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الصين في مقال سابق بعنوان "معركة سلاسل قيم الذكاء الاصطناعي: حرب عالمية ثالثة، أم طعم آخر من البرجر والنودلز؟"؛ حيث تحدثت فيه عن كثب كيف تسيطر الصين بشكل كامل على سلاسل قيمة الذكاء الاصطناعي القوية، بدءًا من مراحل التصميم الأولية وصولًا إلى عمليات التصنيع النهائية.

وعلى الرغم من حرمان الصين من الحصول على آلات سبك الرقائق الإلكترونية المتقدمة للغاية من الشركة الهولندية العملاقة ASML، إلا أن هناك العديد من الأبحاث والدراسات التي تشير إلى إمكانية نجاح الصين في تطوير وتصنيع مثل هذه الآلات المتقدمة محليًا في المستقبل القريب، وهو الأمر الذي سيؤدي حتمًا إلى تضييق الفجوة التكنولوجية مع الولايات المتحدة بشكل كبير.

بالرغم من محاولة الرئيس الأميركي تحدي الصين بشكل مباشر عندما نقل المواجهة الاقتصادية من مرحلة "عض الأصابع" إلى مرحلة "تكسير العظام"، بالتوازي مع حملة إعلامية صاخبة للترويج للتعريفات الجمركية الأميركية الجديدة على الصادرات الصينية، إلا أن الرد الصيني جاء هادئًا ولكنه كان صلبًا ومؤثّرًا للغاية.

وأوضح أن الصين فرضت تعريفات جمركية كبيرة بلغت 125% على مجموعة واسعة من البضائع الأميركية المستوردة. وعندما استشعرت الصين زيادة الضغط الأميركي عليها، ردت بيد من حديد حيث فرضت حظرًا مفاجئًا على تصدير المعادن النادرة والاستراتيجية، مثل الجيرمانيو والغاليوم، والتي بدورها ستؤدي حتمًا إلى شلل كبير في صناعة أشباه الموصلات على مستوى العالم إذا ما استمر هذا الحظر لفترة طويلة.

وقد ردت الأسواق العالمية بعنف على هذه الإجراءات الأميركية الصينية المتبادلة؛ حيث شهدت الأسواق الأميركية انخفاضات ملحوظة، خاصة في أسهم عمالقة التكنولوجيا السبعة الكبار؛ حيث تراجعت أسعار أسهمها من ذروتها في نوفمبر 2024 إلى مستويات قياسية، وبلغت خسارة القيمة السوقية لتلك الشركات مجتمعة 2.3 تريليون دولار أميركي، وكانت شركة إنفيديا وحدها مسؤولة عن خسارة أكثر من 1.3 تريليون دولار من قيمتها السوقية، أي ما يعادل ثلث قيمة الشركة التي كانت تعتبر أغلى شركة في العالم من حيث القيمة السوقية سابقًا.

وقد فرضت الإدارة الأميركية حظرًا خاصًا على تصدير إنفيديا لرقائق H20 المتخصصة والمصممة خصيصًا للسوق الصيني، والتي كانت تقدم خيارًا تقنيًا أقل تقدمًا من منتجاتها الأخرى مثل بلاكويل وH200، ما اضطر رئيس شركة إنفيديا إلى القيام بزيارة عاجلة إلى الصين لإدراك الأهمية القصوى لهذا السوق بالنسبة للشركة، والذي كان يشكل في السابق 25% من إجمالي مبيعاتها قبل بدء العقوبات في فترة إدارة بايدن، حتى وصل إلى 12% فقط مع نهاية العام الماضي.

وكانت الإجابة الصينية على ذلك الحظر سريعة للغاية من شركة هواوي الصينية العملاقة، والتي وعدت بتوفير رقائق كرت الشاشة المتطورة Ascent 910C، والتي توازي في قدراتها التقنية ما تقدمه إنفيديا للسوق الصيني.

وقد أذعنت الإدارة الأميركية ضمنيًا لقوة ومتانة سلاسل التوريد الصينية عندما رفعت العقوبات المفروضة على بعض الأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية المستوردة من الصين، وهو الأمر الذي كاد أن يؤدي إلى شلل حقيقي في السوق الأميركي، خاصةً على الشركات الناشئة والمتوسطة الحجم الأميركية التي تعتمد بشكل كبير على هذه الواردات.

وتوقّع المقال أن تؤدي تلك التعريفات الجمركية المتبادلة إلى تأثيرات بعيدة المدى من شأنها أن ترفع من قدرة الصين التنافسية المتزايدة على المدى الطويل. ومن جهة المستهلك الأميركي، سترتفع حتمًا أسعار العديد من المنتجات الأساسية مثل الإلكترونيات والملابس والسلع المنزلية المختلفة، أما الشركات الأميركية؛ فهي على موعد مع اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد الخاصة بها وزيادة في التكاليف التشغيلية، مما سيؤدّي بدوره إلى تقليل قدرتها التنافسية وربحيتها الإجمالية.

ورأى من الجانب الصيني، أن هذه التعريفات الجمركية ستؤثّر سلبًا على اقتصادهم المعتمد بشكل كبير على التصدير، مما قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وفقدان الوظائف في القطاعات الصناعية المختلفة.

وأوضح أن الصين تلعب دورًا محوريًا باعتبارها "مصنع العالم"؛ حيث تنتج مجموعة واسعة ومتنوعة من السلع الاستهلاكية التي تغذي الأسواق العالمية، وتقدر قيمة صادراتها السنوية بنحو 3.4 تريليون دولار أميركي، وتحقق فائضًا كبيرًا في الميزان التجاري يقارب تريليون دولار مع نهاية عام 2024.

يستفيد العالم بأسره، بما في ذلك السوق الأميركي الضخم، من الوصول إلى هذه المنتجات منخفضة التكلفة التي تعزز الإنفاق الاستهلاكي وتحفز النمو الاقتصادي العالمي. ومع ذلك، فإن هذا الاعتماد المتبادل يخلق أيضًا نقاط ضعف هيكلية؛ حيث يمكن أن يكون للاضطرابات المفاجئة في عمليات التصنيع الصينية أو التغيرات الجذرية في السياسات التجارية تأثيرات كبيرة وعميقة على الاقتصاد العالمي، وعلى الاقتصاد الأميركي بشكل خاص.

وكشف أن أنغام سيمفونية الحرب الاقتصادية بين العملاقين لن تهدأ قريبًا، ومن يتوهم توقع انخفاض حدة التوتر بين الطرفين فهو واهم؛ فكل من الولايات المتحدة والصين تدرك تمام الإدراك بأن من يسيطر على هذه التقنيات المتقدمة والحساسة سيكون هو سيد العالم وقائد اقتصاده في العقود الزمنية القادمة. لذلك، تشكل ملحمة أشباه الموصلات قلب وروح الحرب التجارية الشرسة بين الولايات المتحدة والصين، وهي بمثابة سباق تسلح تقني عالي التقنية لا يبدو أن هناك فائزًا واضحًا له في الأفق المنظور.

ورأى في حالة استمرّت هذه الحرب التجارية في التصعيد بوتيرة متسارعة، فإن السيناريوهات المحتملة قد تكون مقلقة للغاية على الاقتصاد العالمي. يمكن أن تؤدي التعريفات الجمركية المتزايدة إلى تباطؤ كبير في النمو الاقتصادي العالمي، وزيادة معدلات التضخم المرتفعة بالفعل، وارتفاع مقلق في معدلات البطالة في العديد من الدول. ومن المتوقع أن تتأثر قطاعات اقتصادية متعددة بشكل كبير بهذه التطورات السلبية.

واختتم بأن العالم يتراقص بقلق على أنغام الجاز الصاخبة التي تعزفها العلاقة التجارية المتوترة بين الولايات المتحدة والصين، والتي يعلو صوتها بشكل مخيف مع كل تعريفة جمركية جديدة أو سياسة تجارية حمائية تعمق الفجوة بين البلدين، في الوقت الذي تتساقط القيم السوقية للشركات الكُبرى وتتأرجح اقتصادات دول بأكملها على حافة الهاوية.

اقرأ ايضا

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق في ذكرى رحيل محمود الجندي.. ما سر انفصاله عن عبلة كامل و"مهر الـ 25 قرشًا"؟
التالى راتب ضخم لـ صلاح بعد تجديد تعاقده مع ليفربول.. أعلى اللاعبين أجرًا في الدوري الإنجليزي