أخبار عاجلة

"الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب

"الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب
"الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب

بتأطيرٍ من الأكاديمي المغربي عبد الفتاح البلعمشي، والسفير خالد فتح الرحمن، نظّم مركز الحوار الحضاري بمنظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم (الإيسيسكو)، الخميس، على هامش الدورة الثلاثين من المعرض الدولي للنشر والكتاب، جلسة علمية سلّطت الضوء على كتاب “الدبلوماسية الحضارية: مفهوماً جديداً”؛ وهو عمل يتناول المفهوم كـ”مسار جديد في العلاقات الدولية، يزاوج بين القوة الناعمة والتأثير الثقافي”.

وورد في الاستقراء العام للمؤلّف، الذي يعدّ “أول عمليّة تتناول البنى التأسيسيّة للمفهوم”، والصادر عن المركز سالف الذكر (2025)، أن “صدور الكتاب في حد ذاته هو تعبير عن إرادة المضي قدما نحو إسهام يراد له أن يكون عالميا بقدر ما يمثله مفهوم ‘الدبلوماسية الحضارية’ من فكرة إنسانية وعالمية، قد تتقاطع أو تتكامل مع مفاهيم علمية أخرى سائدة في النقاش والممارسة الدوليين، لكنها تظل نابعة من فكرة أصيلة”.

مفهوم واعد

قال عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات بالرباط، أفاد بأن “الكتاب الذي بين أيدينا هو ثمرة لعمل تأسيسي دشنته منظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم (إيسيسكو)، من خلال إبداع مفهوم جديد ومبتكر، ذي صبغة أكاديمية محضة، وذي تأثير عالمي، وهو مفهوم ‘الدبلوماسية الحضارية’ الذي برز في زمن قصير، ليأخذ مكانه، تدريجياً، ضمن المفاهيم المتداولة في السياق الدولي”.

ووضّح البلعمشي أن المفهوم “يترسّخ في الأوساط الأكاديمية التي يمثلها المجتمع العلمي، أو داخل الجامعات والمؤسسات المعنية بتشكله، ودراسته، وضبط فاعليته في أفق استقراره ضمن قاموس الدبلوماسية العالمية، من خلال رؤى وتصورات الفاعلين والمهتمين وصناع القرار”، موردا أنه “انطلاقا من نظرة تحليلية وقراءة في مضمون هذا المؤلف الجماعي يمكن الوقوف على حقيقة في غاية الأهمية، وهي تنوع المرجعيات الفكرية والمنهجية التي حكمت تناول الخبراء والباحثين المشاركين في هذا الإنتاج العلمي”.

وقال المتحدث ذاته إن المرجعيات المذكورة “تتراوح بين عديد المدارس الإقليمية والعالمية”، وزاد: “كما أن تنوع تخصصات الباحثين وفر المزيد من الغنى المعرفي المتميز، ليضعنا المؤلف منذ البدء أمام حلم التكامل المنشود، وتحقيق الهدف من تجميعه”، وتابع: “هذا التنوع في المرجعيات والمناهج بما يتيحه من تكامل يفي بالمراد منه في هذه المرحلة التأسيسية من بلورة مفهوم ‘الدبلوماسية الحضارية’، الذي أخضعته منظمة ‘الإيسيسكو’ للدراسة والتحليل داخل مختبر الأبحاث القانونية وتحليل السياسات بجامعة القاضي عياض بمراكش”.

وشدّد الأكاديمي المغربي على أن “مضمون الكتاب يبرز ذلك التنوع في مقارباته ومناهجه التي تترجم تعدد الخلفيات الفكرية للخبراء المشاركين فيه، بعد التجاوب الكبير الذي عرفه الاستكتاب الدولي المعلن لإنجازه، ما يبرز الاهتمام بمفهوم ‘الدبلوماسية الحضارية’، ثم ليبدأ عمل اللجنة العلمية لقراءة الأوراق المتوصل بها وانتقاء أجودها وفق معايير ونواظم محددة، اعتمدت في تمحيصها على انسجام الموضوعات، والتحقق من مدى الالتزام بمحاور الاستكتاب”.

وضمن قضايا الدبلوماسية الحضارية التي يتناولها الكتاب توجد “مسألة اللغة، ورصد مدى اندماج وارتباط اللغة العربية بالدبلوماسية الحضارية، وتبيان مساهمة هذه الدبلوماسية في تطور اللغة العربية من خلال تحديد موقعها، وسبل تعزيزها عالميا باعتبارها لغة حافلة، وحاملة لقيم حضارية جديرة بالفعل والتفاعل مع متطلبات عالم اليوم”.

وفي دراسة المفهوم وطريقة تطبيقه إجرائياً، يشير الكتاب، وفق البلعمشي، إلى “تزامن ظهور ‘الدبلوماسية الحضارية’ مع ظروف تحتم التعجيل بوضعه نظريا، والتفكير في تطبيقه عبر استحضار مبدأين أساسيين”، مسجلا أن “أولهما مبدأ الأنسنة في مواجهة النزعة الفردانية، واعتبار المصالح الاقتصادية فوق كل شأن عبر استحضار أسس القيم الإنسانية، والأمن العام، والتفاهم والتعاون على حل المشاكل واستباق ظهورها ومواجهة التحديات بشكل جماعي، والثاني هو مبدأ ‘الإجرائية’، الذي يمر بالضرورة عبر التعليم والتربية قبل العمل الإداري والسياسي”.

وتابع المتحدث ذاته: “إذا كانت قيم التسامح في مرجعياتها وأطرها النظرية وفي سلوك الفاعلين فيها تمكن من دبلوماسية تطبيقية توظف كل أنماط الدبلوماسية التقليدية، وتستفيد من مؤهلاتها، في مد السياسة الدولية بمفاهيم جديدة قابلة للتنزيل في السياق المعاصر، وتسمح بتعزيز التسامح برؤية تؤمن بالاختلاف والتنوع المفضي إلى التكامل والتعاون، فأهمية الدبلوماسية الحضارية في تعزيز التسامح تعتبر فرصة جديدة للتواصل والتفاهم، تقوم على أساس الانتفاع المشترك من رصيد البشرية من الحضارة المعاصرة”.

مؤازرة للدبلوماسية

السفير خالد فتح الرحمان، مدير مركز الحوار الحضاري بمنظمة “الإيسيسكو”، قال إن “الحاجة إلى ‘دبلوماسية حضارية’ تثبتها شواهد عديدة ترسخت آثارها في المنتظم الكوني خلال راهننا المعاش”، فمن منحى “استهدف نقد عميق نظرية ‘صدام الحضارات’، وما رافقها من نظريات فرعية، لا لصدقية مقولة ‘الحضارة العالمية الواحدة’، بل لاطّراد أحداث وتطورات يشهد جميعها بأن المجتمع العالمي يستوعب من ممكنات التقدم العلمي والتحول الاقتصادي”.

واعتبر فتح الرحمان أن “هذا يبرهن أن ‘نمط الصراع’ ليس بالضرورة ذا الفرصة الأكبر لإثبات هيمنته وحاكميته في المستقبل المستَشْرَف، بل الفرصة المواتية، تفاؤلاً، هي من نصيب التيارات السلمية الماضية بثقة على شوط المشترك الإنساني؛ مع التنامي الواضح في توازن القوى العالمي”، موردا أنه “من منحى آخر دلّت أحداث كجائحة كوفيد 2022-2020 على أن ‘الحضارة الإقليمية الواحدة’ قد تتلقى من الهزات ما يكشف ضعف بنائها الإنساني، وهشاشة النظريات المتخذة من تماثلات هياكلها الاجتماعية دليلاً على وحدتها الحضارية”.

تدعمُ ذلك، وفق السفير ذاته، “إسقاطات الحرب الروسية – الأوكرانية، وما حملته من براهين التصدعات في صروح المنتظمات الحضارية ذات التماثلات الاجتماعية”، وزاد: “لذا فإن الطبيعة ‘الحضارية’ المتعلقة التي تتخذها الصراعات الدولية الراهنة، وبوضوح غير منكور، تستدعي نمطاً حضارياً من الدبلوماسية المسؤولة ذات النزعة المتجاوزة لإسار المصالح الضيقة، وعبر شبكة تواثق عالمية، تعتمد مبدأ السلم الدولي أساساً لحراكها ومآلاً له”.

وتابع المتحدث شارحا: “إنه مفهوم جديد يدرك، بكل واقعية، صعوبة تخطي مبدأ المصلحة الوطنية المعبر عن البعد الوجودي للوحدات الدولية ودبلوماسيتها الملتزمة به”، وقال: “غير أنه يتشبث بالضرورة التي يفرضها المنتظم العالمي في سياق تبدلاته بين طبيعة صراعاته المستجدة وتطور وسائل اتصاله؛ فكلا هذين السياقين يحمل في ملامحه عناصر فناء كثير من مقولات الأمس ومعتملاته، ويضعف قوة الوسائل الموروثة في الحراك الدولي، في سبيل بحثه عن وسائل أكثر ملاءمة للواقع المعاش وإسقاطاته المستقبلية”.

وهنا تبرز نقطتان يحسن تذكرهما، وفق السفير، أولاهما: أن مفهوم “الدبلوماسية الحضارية” لا يقدِّم نفسه بديلاً لمفهوم “الدبلوماسية الرسمية”؛ إذ “لا يمكن ذلك، بل إنه يسعى إلى أن يكون رديفاً مؤازراً في ابتداع الحلول عبر النهج السلمي”؛ فيما تكمن الإشارة الثانية “في أهمية الالتفات إلى أن جدَّة طرح المفهوم لا تعني أن استخدام السمة الحضارية لوصف دبلوماسية ما هو استخدام غير مسبوق، إذ كثيراً ما يرد هذا التوصيف، غير أنه يشير إلى ما تنطوي عليه تلكم الدبلوماسية من مواصفات الرقي والدقة والانتظام والالتزام”.

وأشار مدير مركز الحوار الحضاري بمنظمة “الإيسيسكو” إلى أن الدبلوماسية الحضارية تجسد “ملتقى التقاطع بين المصالح الوطنية والسلم العالمي، بإدراك أن ‘التضاد’ بين المصالح الوطنية المتباينة يقتضي وعياً به وسعياً إلى ‘عقلنته’ لصالح المجموع الكوني، بدلا من اطراد تأثيراته المنطلقة من ضيق أفق التفكير ومحدودية النظرة إلى المصلحة الإنسانية الكلية”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق قصر العيني يحتفل بعشرين عامًا من التميز العلمي في أمراض الكبد والجهاز الهضمي
التالى محافظ سوهاج: يظهر منفردا للاستماع إلى شكاوى المواطنين باللقاء الاسبوعي