فرنسيس , في مشهد مهيب يليق بمكانته، يُعرض جثمان البابا ، الذي توفي عن عمر يناهز 88 عامًا، داخل كاتدرائية القديس بطرس بدءًا من صباح الأربعاء وحتى مساء الجمعة، تمهيدًا لجنازته المنتظرة يوم السبت. وقد توافد آلاف المصلين لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على البابا الذي قاد الكنيسة الكاثوليكية لمدة 12 عامًا بأسلوبه المتواضع وروحه المنفتحة.
جثمان البابا فرنسيس في تابوت بسيط وبدون مظاهر فخامة
على خلاف ما جرت عليه التقاليد الفاتيكانية ، أصر البابا قبل وفاته على التخلي عن المراسم المبالغ فيها، ورفض أن يُعرض جثمانه على “كاتافالك” – المنصة الجنازية التقليدية – كما رفض استخدام التابوت الثلاثي المصنوع من السرو والرصاص والبلوط الذي استخدم في دفن أسلافه.
بدلاً من ذلك، وُضع جثمانه في تابوت داخلي بسيط من الزنك، داخل تابوت خشبي، وترك التابوت مفتوحًا طوال فترة العرض العلني. وظهر البابا مرتديًا ثيابه البابوية الحمراء وتاج “الميترا” التقليدي على رأسه، فيما كانت المسبحة تتدلى من يديه، في رمز للسلام والصلاة.
تحنيط مؤقت لـ البابا فرنسيس : علم وفن لإبطاء التحلل
للحفاظ على جسده خلال أيام العرض الطويلة، خضع البابا لعملية تحنيط مؤقت تُعرف باسم “التاناتوبركسي”، وهي تقنية حديثة تهدف إلى إبطاء التحلل البيولوجي دون تدخل جراحي. أوضح أندريا فانتوزي، مؤسس المعهد الوطني الإيطالي للتاناتوبركسي، أن هذه التقنية تشمل حقن سوائل حافظة عبر الجهاز الدوري، تليها لمسات تجميلية على الوجه واليدين لمنح المظهر الطبيعي والهادئ.
ويُشترط تنفيذ العملية خلال 36 ساعة من الوفاة، وتستغرق ساعات عدة. وتُعد هذه التقنية أكثر احترامًا لحرمة الجسد مقارنة بالطرق التقليدية القديمة، التي كانت تتضمن استخراج الأعضاء واستخدام مواد كيميائية شديدة.
ورغم عدم تأكيد ما إذا كان فانتوزي نفسه قد أشرف على تحنيط جسد البابا فرنسيس، إلا أن اسمه ارتبط بتحنيط شخصيات مرموقة مثل البابا يوحنا بولس الثاني والبابا بنديكتوس السادس عشر.
طقوس قديمة بروح جديدة
الكنيسة الكاثوليكية دأبت منذ قرون على الحفاظ على أجساد الباباوات لأسباب رمزية وعملية، لا سيما أن الجنازات قد تمتد لأيام، وتتطلب العرض العلني للجثمان. ورغم أن الأساليب القديمة كانت أكثر تدخلاً، إلا أن الاتجاه الحديث يميل إلى احترام الجسد والمحافظة على هيبته، وهو ما عبّر عنه فرنسيس طوال فترة حبريته، من خلال مواقفه الداعية إلى التواضع والكرامة الإنسانية.
وبفضل هذه الأساليب، سيتمكن آلاف المصلين من زيارة الجثمان وإقامة صلوات الوداع في أجواء هادئة ومفعمة بالرهبة، في وداع أخير للبابا الذي عاش حياة خدمية وترك إرثًا من المحبة والبساطة.
ومع اقتراب موعد الجنازة يوم السبت، يستمر الفاتيكان في استقبال الزوار الذين يرغبون بتوديع البابا الذي كسر التقاليد، حتى في مماته.
