أجمع سياسيون ومنتخبون في مدينة طنجة على تراجع دور السياسي مقابل استفراد الإدارة وممثليها بالصلاحيات والقرارات المهمة، خاصة على مستوى التصميم والبناء الذي يمثل أحد الملفات الحارقة في عاصمة البوغاز.
وطغى على غالبية المداخلات في الندوة الموضوعاتية التي نظمتها جمعية الأعمال الاجتماعية للصحافيين الشباب، بشراكة مع مؤسسات إعلامية بطنجة، مساء الخميس، خطاب التشكي وعدم القدرة على المبادرة والفعل.
ووجد المنتخبون في الندوة التي جاءت تحت عنوان: “تنزيل تصاميم التهيئة لمدينة طنجة والنواحي: ضرورة تنموية وفرصة لانتعاشة اقتصادية”، فرصة لصب جام غضبهم على الوكالة الحضرية التي اعتبروها مجرد واجهة لأطراف خفية تخدم مصالحها وتوجهها في مجال الرخص والتعمير، الذي يمثل دجاجة تبيض ذهباً في المدينة.
وأقر حسن بلخيضر، مستشار جماعي بالمدينة باسم حزب الأصالة والمعاصرة، بأن المنتخبين “تغيب عنهم المعلومة في الكثير من المناسبات، وخاصة في مشاريع مهمة بالنسبة للساكنة”.
بل أكثر من ذلك، قال عضو المجلس الجماعي لمدينة طنجة: “في كثير من المشاريع يتم الشروع في تنفيذها قبل أن يخبر بها المجلس والمنتخبون”، معتبرا أن هذا الوضع “يكرس إضعاف وتهميش السياسيين والمنتخبين”.
من جهته، سجل محمد لحمامي، رئيس مقاطعة طنجة المدينة برلماني عن حزب الاستقلال، أن دور المجالس المنتخبة ورؤساء المقاطعات بات “استشاريا أكثر منه تقريريا”، موضحا أن قطاع التعمير في المدينة يواجه تحديات وعراقيل كبرى ينبغي تجاوزها لمنح المواطنين حقهم في بناء سكن.
وانتقد لحمامي الأسعار الخيالية للعقار بالمدينة، معتبرا أن مداخيل أسرة بكاملها “لا يمكن أن تشتري لها سكناً وسط المدينة”.
وأشار رئيس المقاطعة الأكبر في المغرب إلى أن التسيير “ليس سهلا” والمنتخبين يواجهون تحديات كبيرة في عملهم اليومي، وزاد متحديا: “لّي قال العصيدة باردة يْعملْ يْدُو فيها”، في رد على مداخلات انتقدت ضعف المنتخبين وعدم تمسكهم بصلاحياتهم أمام باقي المتدخلين.
وأثارت الندوة وجهات نظر مختلفة في النقاش حول واقع ومستقبل التخطيط المجالي بتراب عمالة طنجة-أصيلة، في ظل التحديات المتعددة التي تواجه مسار اعتماد وثائق التهيئة، التي يطالها الكثير من النقد بسبب التعثر المستمر في إخراج مخططاتها.
ودعا المشاركون في الندوة إلى إعادة النظر في المنظومة القانونية المنظمة لإعداد والتصديق على تصاميم التهيئة، بما يضمن تبسيط المساطر وتعزيز الشفافية في مختلف مراحلها، كما حثوا على توسيع صلاحيات الجماعات الترابية في مسطرة إعداد التصميم، ومنحها “وضعا تقريريا فعلا، تفعيلا لمقتضيات التدبير الحر ومبادئ الديمقراطية التشاركية”.
كما أوصت الندوة باشتراط إشراك المجالس المنتخبة في وضع التصورات الأولية للتصاميم، قبل عرضها على البحث العلني أو المصادقة، مع ضمان توثيق هذا الإشراك في محاضر رسمية، وهو الأمر الذي مثل نقطة تشكي وانتقاد من طرف المنتخبين في الندوة.