جرائم "اغتصاب الأطفال" تعبث بمستقبل الضحايا وتسائل العقوبات المشددة

جرائم "اغتصاب الأطفال" تعبث بمستقبل الضحايا وتسائل العقوبات المشددة
جرائم "اغتصاب الأطفال" تعبث بمستقبل الضحايا وتسائل العقوبات المشددة

عادت حادثة اغتصاب طفل بأحد الأحياء الشعبية في مدينة طنجة لتثير النقاش حول الظاهرة التي تحفر الكثير من الآلام في نفوس الضحايا وأسرهم، وتجعلهم مشاريع أشخاص يمكن أن يمثلوا خطرا في المستقبل على المجتمع بالعقد النفسية والاجتماعية التي لا تكاد تفارقهم مدى الحياة.

وكلما نسي المغاربة أو تناسوا وجود وحوش بشرية تتربص بفلذات أكبادهم وتتقاسم معهم في بعض الأحيان المأكل والملبس إلا وعادت جريمة هنا أو هناك لتفتح الجرح، وتدخل المجتمع بمختلف مكوناته في حالة من “الصراخ والعويل” الذي لا يسمن ولا يغني، إذ سرعان ما ينسى الكل الموضوع تاركين الضحايا يواجهون مصيرهم المحتوم رفقة عائلاتهم.

بل أكثر من ذلك يفاجأ الضحايا وأسرهم في الكثير من القضايا بالأحكام المخففة التي تصدر في حق المجرمين و”الوحوش” الآدمية، التي تتجرأ على أجساد أطفال المغاربة بسبب هذا النوع من التساهل القريب إلى التواطؤ في بعض الأحيان؛ وتتعالى أصوات الفعاليات المدنية مطالبة بإنزال أقصى العقوبات.

في قراءته للموضوع يرى السوسيولوجي أحمد شراك أن ظاهرة اغتصاب الأطفال ليست وليدة اليوم، و”ظهورها واختفاؤها فعل لا يلغي استمراريتها، لأنه أحيانا هناك حوادث اغتصاب أطفال لا تصل إلى الإعلام، فتبقى في الظل لاعتبارات اجتماعية أو سوسيو -أخلاقية”.

وأضاف شراك مفسرا الظاهرة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا النوع من القضايا يتم التكتم عنها خاصة إذا كانت تجاه الأطفال الذكور، إذ يتستر عليها الآباء خوفا من ‘الفضيحة’ وكأنها فعل إرادي، والحال أنها فعل قسري يمارس على طفولتنا في غيبتنا، أي في غياب مراقبة مستمرة وتتبع لسلوكات أطفالنا”.

وتابع السوسيولوجي المغربي بأن “هذا العنف يعتبر عنفا صامتا كما تذهب إلى ذلك السوسيولوجية المغربية كريمة الوزاني؛ علما أن المجتمع المغربي عرف مجتمعا مدنيا مواكبا لحالات العنف ضد الأطفال، بل وصارخاً في وجه المسؤولين من أجل تشديد العقوبات في حق المجرمين بدون هوادة”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “الظاهرة تقتضي ترسانة قانونية قوية ورادعة”، مستدركا بأن “دور الأسرة هو الحوار مع أبنائها وتنبيههم إلى هكذا مخاطر، بعيدا عن مفهوم ‘الحشومة’ أو ‘الطابو’؛ والحال أنه عندما تقع الفأس في الرأس يصبح الندم سيد الموقف، حين لا ينفع الندم”، ومؤكدا أن “التربية الجنسية من طرف الأسرة، وكذا المدرسة، لفائدة طفلاتنا وأطفالنا، أمر لا مندوحة عنه من أجل التقليل إلى الحد الأقصى من هكذا حوادث عنف ينبغي التشهير به والتوعية به من طرف مختلف المؤسسات، وعلى رأسها مؤسسة الإعلام والوعظ الديني وغيرهما”.

الأخصائي النفساني فيصل الطهاري اعتبر أن حوادث اغتصاب الأطفال “من أكثر الصدمات النفسية التي يمكن أن تؤثر في الإنسان مدى الحياة”، مؤكدا أن “هناك درجات لهذا الاغتصاب وتأثيره، وهي هل كان كليا أم جزئيا؟ وهل كان متكررا أم لا؟ وهل كان من أحد أفراد الأسرة أم من بعيد؟”.

وتابع الطهاري في تصريح لهسبريس بأن “الاغتصاب يبقى من أصعب الصدمات التي يتلقاها الطفل في صغره، ويمكن أن تؤثر حتى على مستوى اتجاهاته الجنسية المستقبلية”.

وزاد الأخصائي النفساني أن “ضحايا الاغتصاب من الأطفال يمكن أن يواجهوا اضطرابات في المزاج في المستقبل، مع التفكير في الانتحار، والاضطراب الحاد الذي يمكن أن يرافقهم مدى الحياة؛ فيصبح الحادث هو الماضي الأسود الذي لا يريد الضحية تذكره والتفكير فيه”.

كما أشار المتحدث ذاته إلى أن “الأسر تعاني من جرائم الاغتصاب التي تؤثر على الوالدين بشكل كبير، إذ يصبح لديهما خوف شديد ومبالغ فيه يتم بسببه التضييق على الأطفال، فتصبح لدى المجتمع ‘فوبيا البيدوفوليا’، وهو رهاب يمكن أن يدخل الوالدين في حالة مرضية”.

وشدد الطهاري على أن “مواجهة هذه الجرائم تكون عبر المقاربة الأمنية والزجرية والعقابية الشديدة التي من شأنها أن ترهب كل من سولت له نفسه أن يرتكبها”، لافتا إلى “أهمية تربية الأطفال وتمنيعهم وتعليمهم كيفية الحفاظ على خصوصيتهم والمناطق الحساسة التي لا يمكن الكشف عنها أو السماح لأحد بلمسها”، ومعتبرا أن “هذه الأمور مهمة للحفاظ على أجساد أطفالنا من تربص المرضى الذين يعيشون بيننا”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق نجيب ساويرس يعلن جاهزيته لإقامة مشروعات ضخمة في سوهاج
التالى نادى الشمس يقاضي الزمالك بسبب شيكات بدون رصيد