اقرأ في هذا المقال
- منتجو الهيدروجين الأخضر في أوروبا عُرضة لشبكات الكهرباء
- الهيدروجين الأخضر غير جاهز لأداء دوره في معادلة تحول الطاقة
- تستهدف إسبانيا تعزيز قدرات التحليل الكهربائي إلى 12 غيغاواط
- تواجه خطوط إمدادات الهيدروجين الأخضر في إسبانيا مخاطر
لم يَستفِق قطاع الهيدروجين الأخضر في أوروبا بَعْد من صدمة انقطاع الكهرباء التي عصفت مؤخرًا بعددٍ من دول القارة العجوز، في حدثٍ يُلقي بظلال من الشك حول جاهزية الوقود منخفض الانبعاثات لأداء دوره المأمول في معادلة تحول الطاقة.
وتأتي عدم الجاهزية نتيجة حاجة منتجي الهيدروجين النظيف إلى شبكات الكهرباء في أوروبا، لا سيما في ضوء التحديات التي تواجهها خطوط إمدادات هذا الوقود نتيجة الاعتماد في تصنيعه على المصادر المتجددة ذات الطبيعة المتقطعة.
ووفق تحليلات الخبراء، ربما يُعزى انقطاع الكهرباء الحاصل مؤخرًا في أوروبا إلى نقص الإمدادات من مصادر مستقرة مثل الغاز أو الطاقة النووية، وفائض من المصادر غير المستقرة مثل الشمس والرياح؛ ما تسبب في تفاوت عندما كان هناك تراجع في الطلب.
ووفق أرقام طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تستهدف الحكومة الإسبانية تعزيز قدرات التحليل الكهربائي إلى 12 غيغاواط بحلول نهاية العقد الحالي (2030).
التعرض لشبكات الكهرباء
يسلّط انقطاع الكهرباء غير المسبوق في إسبانيا الضوء على المخاطر التي يواجهها منتجو الهيدروجين الأخضر نتيجة تعرضهم لشبكات الكهرباء في أوروبا.
وتعمل المصانع ومحطات الكهرباء في إسبانيا والبرتغال وبلدان أخرى في أوروبا بكامل سعتها مع تراجع أحجام المواد الخام للهيدروجين الأخضر المتعاقد عليها في تلك المنشآت وفق الطلب بوساطة شبكات خطوط الأنابيب والشاحنات.
وتوقف أسطول أجهزة التحليل الكهربائي في شبه جزيرة إيبيريا -تتكوّن من إسبانيا والبرتغال وأندورا ومنطقة جبل طارق- التي تغذّي الكثير من البلدان الأوروبية، في حين يتدافع الموردون على استغلال مستودعات التخزين؛ إذ يدفعون أقساطًا كبيرة لتأمين إمدادات الهيدروجين للعملاء.
وتحولت محطات الكهرباء بصورة مؤقتة إلى العمل بالغاز الطبيعي، غير أنه يجري وقف بعض العمليات الصناعية الأخرى المعتمدة على الهيدروجين؛ ما يتسبّب في تلف المكونات والإخلال بجدول تسليم الإمدادات المحددة في قطاعات مثل الصلب.
توصيات
يتعيّن أن يشتمل العديد من محطات الهيدروجين الأخضر على مولدات داعمة، بل ربما تعمل تلك المحطات بمصادر الوقود الأحفوري، في حين سيجري توصيل محطات أخرى بأنظمة توليد الكهرباء في الموقع، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
إلى جانب ذلك يجب أن تحتفظ بعض محطات الكهرباء بأنظمة تخزين قصيرة الأجل قادرة على سد الفجوة إذا تعطّلت أجهزة التحليل الكهربائي الرئيسة.
ومع ذلك فإن انقطاع الكهرباء غير المسبوق في إسبانيا خلال أواخر شهر أبريل/نيسان المنصرم يعيد إلى الأذهان الحاجة إلى إزالة المخاطر من خطوط إمدادات الهيدروجين الأخضر العاملة في اقتصاد أوروبي يعتمد بقوة على الكهرباء.
وخسرت الشبكة في إسبانيا 15 غيغاواط من سعة التوليد في 5 ثوانٍ فقط؛ ما أدى إلى فقد 60% من الطلب على الكهرباء، وفق أرقام طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وبالمقارنة فإن انقطاع الكهرباء على النطاق المذكور في الاقتصاد الهيدروجيني المستقبلي، من شأنه أن يُزيل عدة غيغاواط من سعة المحلل الكهربائي دُفعةً واحدةً.
وقد يستغرق تحليل انقطاع الكهرباء في إسبانيا شهورًا للوقوف على أسبابه الحقيقية، وربما يُلقي باللائمة على الشبكات في إسبانيا والبرتغال.
غير أن صانعي السياسات ومشغلي الشبكات ومستهلكي الكهرباء، مثل منتجي الهيدروجين الأخضر في عموم أوروبا، ينبغي أن يأخذوا مسألة انقطاع الكهرباء في الحسبان، نظرًا إلى أن التدافع على مصادر الطاقة المتجددة ذات الطبيعة المتقطعة يعني أن تلك المشكلة ربما لا تكون الأخيرة.
لكن، على أي حال، ما يزال تطوير شبكات الكهرباء يتخلّف عن نشر الطاقة المتجددة وتلبية الطلب على الكهرباء على نطاق أوسع.
الأمان في التخزين
على الرغم من التحديات التي يواجهها، من الممكن أن يساعد قطاع الهيدروجين الأخضر على تخفيف المخاطر المقترنة به عبر تطوير سعة تخزين واسعة النطاق.
وفي هذا الخصوص أدركت ألمانيا أن شبكتها الواسعة من كهوف الملح المتركزة في شمال البلاد، تتمتع بإمكانات ضخمة؛ إذ تشغل البلاد قرابة 250 من تلك الكهوف لتخزين النفط والغاز الطبيعي.
ولعل القرب النسبي لتلك الكهوف من المناطق الساحلية، وبالتالي مزارع الرياح البحرية ومواقع إنتاج الهيدروجين الأخضر، إلى جانب طرق الاستيراد المحتملة، يجعلها خيارًا جذابًا بصفة خاصة لتخزين الوقود حيادي الكربون.
وعلى الرغم من أن هذا يُعد أمرًا جيدًا فإن بناء مستودعات كبيرة لتخزين الهيدروجين يكفي لحماية الإمدادات المستقبلية، إلى جانب سد التقلبات الموسمية؛ يعتمد على التطوير السريع للوائح المنظمة والتقنيات المستعمَلة ذات الصلة من أجل طمأنة المستثمرين.
انقطاع الكهرباء.. أسباب عديدة
تتعدّد الأسباب التي تفسّر انقطاع الكهرباء في إسبانيا مؤخرًا، والتي نشرت الذعر والفوضى بين المواطنين، وتعطّلت على أثرها حركة المرور وشبكات السكك الحديدية وشبكات الاتصالات.
فبعد ظهر يوم 28 أبريل/نيسان (2025) انقطعت الكهرباء على نطاق واسع في دول عدة بأوروبا الغربية، وتأثرت بها جميع أنحاء إسبانيا والبرتغال تقريبًا، إلى جانب مناطق في فرنسا وبلجيكا.
ويعزو بعض معارضي التخلص من الوقود الأحفوري السبب في انقطاع الكهرباء مؤخرًا في أوروبا إلى دمج إسبانيا مصادر الطاقة المتجددة في شبكة الكهرباء الأوروبية، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
ويرى آخرون أن سبب انقطاع الكهرباء هو هجوم إلكتروني، لافتين إلى أن شبكة الكهرباء الأوروبية قد عانت ارتفاعًا كبيرًا في الهجمات الإلكترونية (السيبرانية) في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط (2022).
اقرأ أيضًا..
){kind=link}