نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا كشف أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعرضت لاختبار حقيقي فيما يتعلق بإقالة مستشار الأمن القومي مايكل والتز في 1 مايو 2025، ما مثل أول هزة كبيرة منذ توليه منصبه في يناير.
وأثارت إقالة والتز، عضو الكونجرس السابق عن ولاية فلوريدا، جدلًا بسبب تنسيقه المكثف مع إسرائيل، وبالأخص مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حول خيارات عسكرية ضد إيران، مما استفز ترامب الذي فضل اتباع نهج دبلوماسي لتسوية ملف إيران النووي.
واستعرض تقرير "واشنطن بوست"، أسباب إقالة والتز، وتداعياتها على السياسة الخارجية الأمريكية، مع التركيز على السياق الجيوسياسي والصراعات الداخلية.
كان مايكل والتز، ضابطًا سابقًا في القوات الخاصة الأمريكية وعضوًا في الكونجرس عن ولاية فلوريدا، يبدو خيارًا تقليديًا لمنصب مستشار الأمن القومي.
ودعم والتز إسرائيل بقوة، وتبنى مواقف متشددة ضد روسيا، الصين، وإيران، مما جعله مرشحًا مناسبًا لقيادة المجلس الأمن القومي.
واجه والتز تحديات داخلية، فأقاله ترامب وعينه سفيرًا للأمم المتحدة، وهو منصب أقل نفوذًا يتطلب موافقة مجلس الشيوخ.
وتسبب تراكم إحباطات ترامب من أداء والتز في إقالته.
ساهمت فضيحة "سيجنال"، حيث أضاف والتز بالخطأ جيفري جولدبرج، رئيس تحرير مجلة "ذي أتلانتيك"، إلى دردشة حساسة عن عمليات عسكرية في اليمن، في تسريع القرار.
بدأت الخلافات قبل ذلك، إذ لعب تنسيق والتز مع إسرائيل دورًا رئيسيًا في التوترات.
التنسيق مع إسرائيل وغضب ترامب
وكشفت "واشنطن بوست" أن والتز أجرى محادثات مكثفة مع نتنياهو حول خيارات عسكرية ضد إيران قبل زيارة الأخير للبيت الأبيض في فبراير 2025.
وناقش والتز ضربات عسكرية محتملة، مما أثار استياء ترامب الذي أعطى الأولوية للحلول الدبلوماسية مع إيران.
أكد مصدران للصحيفة أن والتز دفع بقوة لضربة عسكرية، وهو موقف رفضه ترامب.
وصف مستشار لترامب تصرفات والتز بأنها "تعاون مع رئيس دولة أخرى بدلًا من رئيسه"، معتبرًا ذلك مخالفا للولاء.
وقارن مصدر آخر الموقف بمبعوث خلرجي يبرم صفقة سرية مع دولة ما ضد سياسة رئيسه، مشددًا على أن هذا السلوك يبرر الإقالة.
ونفى مكتب نتنياهو إجراء "اتصالات مكثفة"، لكنه أقر بلقاء مع والتز قبل زيارة ترامب، مما دعم الرواية جزئيًا.
كشف هذا الحادث عن صراع بين التيار المتشدد، الذي يمثله والتز، والنهج المناهض للتدخلات العسكرية الذي يتبناه ترامب.
هددت تصرفات والتز رؤية ترامب لـ"أمريكا أولًا" التي تسعى لتقليص التورط الخارجي، خاصة مع حساسية مفاوضات إيران بقيادة ستيف ويتكوف.
فضيحة سيجنال وتآكل نفوذ والتز
أدت فضيحة سيجنال في مارس 2025 إلى تسريع إقالة والتز.
أضاف والتز بالخطأ جيفري جولدبرج إلى دردشة على تطبيق سيجنال تناقش خططًا عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، وضمت مسؤولين كبارًا مثل جي دي فانس، بيت هيغسيث، وتولسي جابارد.
وكشف وزير الدفاع هيجسيث معلومات حساسة، مما عرض العمليات للخطر.
زعم والتز أن معلومات الاتصال بجولدبرج تم الحصول عليها بالخطأ، لكن جولدبرج نفى ذلك، مؤكدًا أن والتز أرسل طلب اتصال مباشر.
وصفت "واشنطن بوست" الحادثة بأنها "محرجة"، فقلصت نفوذ والتز، خاصة لدى سوزي وايلز، رئيسة موظفي البيت الأبيض.
صراع القوى داخل إدارة ترامب
وتتنافس ثلاث فصائل داخل إدارة ترامب على النفوذ، مما كشفت عنه إقالة والتز.
يقود مؤيدو "ماجا"، المتشككون في التحالفات الخارجية والمعارضون للتدخلات، الناشطة لورا لومر، التي ضغطت لإقالة والتز وموظفي المجلس الأمن القومي "غير الموالين".
يمثل والتز المحافظين التقليديين، الذين يدعمون سياسات متشددة لدعم إسرائيل ومواجهة إيران وروسيا، مما يتعارض مع نهج ترامب الأقل تدخلًا. يسعى الوسطيون البراغماتيون، بقيادة ماركو روبيو، وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي المؤقت، للتوفيق بين رؤية ترامب والسياسة التقليدية.
يعكس تعيين روبيو محاولة ترامب لتوحيد السلطة، لكنه يقلل من أهمية المجلس الأمن القومي، مما يعزز سيطرته على القرارات الخارجية.
التداعيات على السياسة الخارجية
تؤثر إقالة والتز بشكل كبير على السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة في الشرق الأوسط. تكشف توترات مع إسرائيل عن غضب ترامب من تنسيق والتز مع نتنياهو، وتعززها قرارات مثل فرض تعرفة 17% على إسرائيل في أبريل 2025 ردًا على تعرفات إسرائيلية.
تدعم إقالة والتز، المتشدد تجاه إيران، فرص التوصل إلى اتفاق نووي، لكن تعرقل الاضطرابات الداخلية تنفيذ هذه الجهود.
تثير إقالة والتز، مع تسريبات حول قيادة هيجسيث وطرد موظفي المجلس الأمن القومي، شكوك الحلفاء حول استقرار السياسة الأمريكية، مما يعقد التحديات الخارجية.
وكشفت إقالة مايكل والتز عن تعقيدات إدارة ترامب، إذ تصطدم رؤى متباينة للسياسة الخارجية. أدى تنسيقه مع إسرائيل، إلى جانب فضيحة سيجنال، إلى جعل إقالته حتمية.
عكس تعيين روبيو رغبة ترامب في السيطرة، لكن تبقى التداعيات على العلاقات مع إسرائيل وإيران غير مؤكدة.
قدم تقرير "واشنطن بوست" لمحة عن هذه الديناميكيات، مؤكدًا أن السياسة الخارجية الأمريكية قد تواجه اضطرابات إضافية