أخبار عاجلة
تفاصيل التقارب بين العملود والزمالك -

قصة أمل من أزيلال .. 82 ألف شجرة لوز تعيد الحياة إلى دوار إغبولا

قصة أمل من أزيلال .. 82 ألف شجرة لوز تعيد الحياة إلى دوار إغبولا
قصة أمل من أزيلال .. 82 ألف شجرة لوز تعيد الحياة إلى دوار إغبولا

في قلب إقليم أزيلال، وعلى بعد نحو أربعة كيلومترات من مركز جماعة آيت أوقبلي، يبرز دوار إغبولا بمشهدٍ غير مألوف؛ آلاف من أشجار اللوز الفتية تمتد على مدى البصر، وسط أرض كانت تصارع الجفاف، وتحكي قصة أمل زرع من رحم المعاناة. في هذه البقعة القروية الجبلية قرر السكان أن يكتبوا قصة جديدة، فاختاروا سلاحًا واحدًا لمواجهة قسوة الطبيعة: العمل التطوعي المشترك.

عام 2017، ومع توالي سنوات الجفاف القاسية، اجتمع سكان دوار إغبولا مع الفاعلين المحليين لبحث سبل إنقاذ أراضيهم التي كانت مهددة بالجفاف التام. من هذه الاجتماعات ولدت فكرة تأسيس “جمعية آيت منصور للفلاحة”، كإطار لتنظيم الجهود الجماعية والتنسيق بين سكان الدوار والجهات المعنية.

في البداية كانت الطريق صعبة. غياب الدعم المؤسساتي ونقص الإمكانيات كانا يشكلان عائقًا كبيرًا، لكن العزيمة الجماعية لسكان إغبولا بددت كل هذه العقبات. أطلقت الجمعية حملة توعوية داخل الدوار، شجعت السكان على المساهمة بكل ما يمكن: المال، الجهد، وحتى الوقت. تطوع الشباب لزرع الشتلات، في مشهد تضامني نادر، أثبت أن الإرادة أقوى من كل التحديات.

يقول محمد عظوش، نائب رئيس الجمعية، معلقًا على الجهود الجماعية: “كل شجرة هنا غُرست بيد أحد أبناء الدوار، وكل حفنة تراب تحمل قصة تعب وصبر. كلما نظرت إلى هذه الأشجار اليوم أدركت أن الأمل أقوى من اليأس”.

ورغم شح الموارد تمكنت الجمعية وسكان الدوار من غرس 82 ألف شتلة لوز على مساحة تقدر بـ 400 هكتار، وهو رقم بدا مستحيلاً في البداية، لكنه تحقق بفضل اشتراكات شهرية من المنخرطين في الجمعية، لتغطية تكاليف صيانة المشروع وأجرة الحارس الدائم. وتبقى هذه الجهود الذاتية مصدر فخر وإلهام لكل من شارك فيها.

بعد نحو خمس سنوات من العمل الدؤوب بدأت الأشجار تعطي أولى ثمارها. ورغم أن الإنتاج مازال في بداياته إلا الأثر الاجتماعي للمشروع كان أعمق بكثير من مجرد المحصول الزراعي، فقد بدأت بعض العائلات تعودُ تدريجيًا إلى دوار إغبولا، بعد أن هجرته في سنوات الجفاف بحثًا عن لقمة العيش.

أحد العائدين، الذي أعاد بناء منزله حديثًا، قال: “كنا نظن أن الهجرة قدرنا، لكن هذه الأرض أثبتت أنها قادرة على العطاء إذا أحسنا رعايتها”.

ومع عودة السكان تم استصلاح أراضٍ جديدة، وبدأت تُشيّد منازل حديثة، لتعود الحياة إلى الدوار، وتنتعش آمال أهله بعد سنوات من التحديات.

ورغم النجاح الكبير تبقى هناك تحديات جمة. المشروع، الذي تحقق بجهود ذاتية من قبل السكان، بات يحتاج إلى دعم مؤسساتي قوي لضمان استدامته. يقول محمد عظوش، بنبرة مفعمة بالأمل والإصرار: “نناشد الجهات المسؤولة دعمنا… نحن بحاجة إلى تقنيات حديثة، مثل نظام الري بالتنقيط. نحتاج إلى تجهيز البرك لتخزين المياه، وإلى المزيد من الشتلات لتوسيع المشروع. كما أن التأطير العلمي أصبح أمرًا ضروريًا لحماية الأشجار من الأمراض الفطرية والمخاطر المناخية”.

وبحسب مختصين فإن الاستعانة بتقنيات الري الحديثة، بالإضافة إلى التدريب في مجالات مثل مكافحة الأمراض الزراعية، باتت ضرورية للحفاظ على المشروع وضمان استدامته. إضافة إلى ذلك يجب أن تشارك المؤسسات الحكومية والمحلية في توفير الدعم المادي والتقني اللازم، بحيث يصبح المشروع نموذجًا للنجاح المستدام في مناطق أخرى.

ويرى عمر أوزايد، المهتم بقضايا البيئة والتنمية الاجتماعية في الإقليم، أن تجربة إغبولا تمثل نموذجًا مصغرًا لما يمكن أن تحققه المقاربة التشاركية في التنمية القروية، ويقول: “حين يتملك السكان مشروعهم يصبح النجاح أمرًا طبيعيًا. الدعم الخارجي مهم، لكن إرادة السكان تظل العنصر الحاسم في إحداث التغيير”.

ويختتم محمد عظوش قائلا: “دوار إغبولا لم يعد مجرد اسم على خارطة قروية مهمشة؛ أصبح عنوانًا للإرادة والصبر والتعاون. من أرض قاحلة إلى واحة تنبض بالحياة، وأشجار اللوز تحمل رسالة واضحة: الأمل يمكن أن يزهر حتى في أكثر الأراضي عطشًا إذا وُجد من يرعاه ويؤمن به”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الفتح ينفجر و"الماط" يغادر الخطر
التالى فيديو | إنتر ميلان وبرشلونة يتعادلان في قمة مجنونة بذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا