أصبحت الطاقة الكهرومائية في مركز الصراع بين الهند وباكستان، بعدما بدأت الأولى العمل على تعزيز سعة خزانات مشروعين في إقليم جامو وكشمير، بعد تعليقها العمل بمعاهدة مياه نهر السند، المُبرمة منذ عقود مع جارتها، عقب الهجوم الإرهابي في باهالغام.
وتكشف الخطوة الهندية أن الطاقة والمياه ستكونان جزءًا من تصاعد التوتر بين الجارتين جراء الحادث الإرهابي الذي أسفر عن مقتل 29 سائحًا في الهند قبل أسبوع.
وفي 26 أبريل نيسان 2025، هاجم مسلحون سياحًا في منطقة باهالغام في الشطر الهندي من كشمير، وهي إحدى الوجهات السياحية الشهيرة، ما أسفر عن مقتل عدد من الأشخاص في حصيلة هي الأكبر منذ عام 2000.
ووسط تصاعد التوتر، بسبب اتهام الهند باكستان بأنها وراء ارتكاب الجريمة، علّقت نيودلهي العمل بمعاهدة مياه نهر السند المُبرمة مع إسلام أباد، لتنظيم استعمال نهر السند وروافده بين البلدين.
وتضمن هذه الاتفاقية إمدادات المياه لـ80% من المزارع الباكستانية؛ لذلك تُعدّ خطوة الهند لتوسعة خزانات مشروعي الطاقة الكهرومائية نذيرًا بإمكانات قطع هذه المياه، وهو ما سينعكس سلبًا على محطات الطاقة الكهرومائية في باكستان أيضًا، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
قطع المياه عن باكستان
لم تنتهك الهند اتفاقية السند مع باكستان منذ توقيعها مطلع الستينيات من القرن الماضي، رغم وقوع 3 حروب والعديد من الصراعات بين البلدين المسلحَين نوويًا.
ويثير ذلك التساؤلات حول موقف الهند في تعليق العمل بالاتفاقية بعد الحادث الإرهابي في كشمير، والبدء في عمل توسعات لخزانات الطاقة الكهرومائية.
وقطعت الهند تدفُّق المياه عبر سد باغليهار على نهر تشيناب المؤدي إلى باكستان يوم أمس الأحد 4 مايو/أيار 2025، بينما تخطط لاتخاذ إجراءات مماثلة في سد كيشانغانغا على نهر جيلوم.
وبدأت الهند تنظيف رواسب الخزان الأسبوع الماضي، ونفّذت هذا الإجراء أكبر شركة للطاقة الكهرومائية في البلاد، المملوكة للدولة "إن إتش بي سي إل تي دي" NHPC Ltd، بالتعاون بالتعاون مع السلطات في إقليم جامو وكشمير الفيدرالي.
وقال أحد المصادر: "هذه هي المرة الأولى التي تُجرى فيها مثل هذه العملية، وستساعد في زيادة كفاءة توليد الطاقة ومنع تلف التوربينات".
وأضاف المصدر: "طُلِب منا -أيضًا- فتح البوابات للتنظيف، وهو ما فعلناه بدءًا من الأول من مايو/أيار؛ بهدف إزالة أيّ عراقيل في تشغيل السد".
ويرى بعض المسؤولين أن الإجراء الهندي لن يؤثّر مباشرة في إمدادات المياه إلى باكستان، ولكنه قد يتأثر في نهاية المطاف إذا أطلقت نيودلهي مشروعات مشابهة إضافية.
وتعتمد باكستان على الأنهار التي تمرّ عبر الهند في معظم أعمال الري وتوليد الطاقة الكهرومائية، وهناك أكثر من 6 مشروعات مماثلة في جامو وكشمير.

مقاضاة الهند دوليًا
هددت باكستان بمقاضاة الهند دوليًا بسبب تعليق اتفاقية السند، نافيةً ضلوعها في الهجوم على السياح في كشمير، محذّرةً من أيّ محاولة لوقف تدفُّق مياه النهر أو تحويل مساره بعيدًا عن إسلام أباد، "وإلّا ستُعَدُّ أيٌّ من هذه الإجراءات بمثابة إعلان الحرب".
وترى باكستان أن الإجراءات الهندية بشأن مشروعَي الطاقة الكهرومائية في كشمير تهديد حقيقي لمياهها، خاصةً أن بناء المشروعين تَطلَّب مباحثات وتبادلًا للآراء مع باكستان، التي تخشى فقدان حصّتها من المياه.
وبموجب معاهدة عام 1960، التي قسمت نهر السند وروافده بين الدولتين الجارتين، شاركت الهند -أيضًا- بيانات مثل التدفقات الهيدرولوجية في مواقع مختلفة على الأنهار التي تمرّ عبر الهند، وأصدرت تحذيرات من الفيضانات.
غير أنه بعد حادث الاعتداء على السيّاح، تعهَّد وزير المياه في الهند "بضمان عدم وصول أيّ قطرة من مياه نهر السند إلى باكستان".
إلّا أن مسؤولين حكوميين من الدولتين أكدوا أن الهند لا تستطيع وقف تدفُّق المياه بسبب عوامل فنية، إضافة إلى أن المعاهدة سمحت لها فقط ببناء محطات للطاقة الكهرومائية دون سدود تخزين كبيرة على الأنهار الثلاثة المخصصة لباكستان.
بدوره، قال الرئيس المتقاعد حديثًا للجنة المياه المركزية الهندية، الذي عمل بشكل مكثّف على نزاعات نهر السند مع باكستان، كوشفيندر فوهرا: "إن تعليق الوزير يعني أن الهند يمكنها الآن مواصلة العمل على مشروعاتها بحرّية".
يُذكَر أن حكومة الهند بقيادة ناريندرا مودي سعت إلى إعادة التفاوض على معاهدة السند في السنوات الأخيرة، وحاول البلَدان تسوية بعض خلافاتهما في محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي.
وتعاني باكستان أزمات كهرباء متتالية منذ سنوات طويلة؛ نتيجة الإخفاق في التنبؤ بتراجع إنتاج حقول الغاز، كما تعتمد الدولة على الطاقة الكهرومائية في 25% من إجمالي الكهرباء المولّدة لديها، ويأتي ثُلث تلك الطاقة الكهرومائية من المياه المتدفقة في حوض نهر السند، وفق أرقام طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
1-حصري. الهند تبدأ توسعة خزانات الطاقة الكهرومائية في كشمير بعد تعليق اتفاقية نهر السند من رويترز
2- توسعة خزانات الطاقة الكهرومائية في كشمير من نيوز 18