أفادت تقارير دولية بأن المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا شهدت تقدما ملحوظا في اتجاه وقف دعم بعثة المينورسو في المستقبل القريب.
وذكر موقع KGB Associated News، المتخصص في شؤون الاستخبارات العالمية، أن هذا المقترح قُدّم رسميا ضمن محادثات تجمع واشنطن بالاتحاد الأوروبي بقيادة باريس، في إطار جهود متواصلة لتقريب وجهات النظر وتعزيز التعاون بين الطرفين.
وتُعزز بعض التطورات الأخيرة هذا الاحتمال، لا سيما ما ورد في التقرير الذي أعده المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا ورفعه إلى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، والذي أشار فيه إلى أن بعثة المينورسو تواجه عراقيل كبيرة في تنفيذ مهامها بسبب القيود المفروضة على حركتها؛ مما يحول دون وصولها إلى المناطق الواقعة شرق الجدار الرملي، ويهدد فعليا استمراريتها الميدانية.
مرحلة جديدة
محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي لإعلام وحقوق الإنسان، قال إن ملف الصحراء المغربية دخل طورا جديدا على مستوى التعاطي الأممي، مشيرا إلى التراجع الواضح في الخطاب الراديكالي الصادر عن الأمم المتحدة حيال القضية والاتجاه نحو تعزيز التعاون مع السلطات المغربية.
واعتبر عبد الفتاح، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا التحول يتجلى أيضا في تطور علاقات المملكة مع قوتين مؤثرتين داخل مجلس الأمن، هما الولايات المتحدة وفرنسا اللتان تُعدان الداعمتين الأساسيتين لبعثة المينورسو.
وأضاف رئيس المرصد الصحراوي لإعلام وحقوق الإنسان أن الدول المساهمة في تمويل منظمة الأمم المتحدة بدأت في تقليص التزاماتها المالية، سواء على مستوى المنظمة ككل أو فيما يتعلق ببعثة المينورسو تحديدا؛ وهو ما يعكس تحولا لافتا في الرؤية السياسية للدول الغربية إزاء أدوات التدخل الأممي، ويمثل بداية لنهج أكثر براغماتية في التعاطي مع النزاعات الإقليمية.
ولفت المتحدث عينه إلى أن المراقبين الذين يرجحون سيناريو وقف دعم البعثة يستندون إلى معطيات حديثة فرضتها المستجدات السياسية في ملف الصحراء المغربية، سواء من خلال المواقف المتبدلة لعدد من الدول أو من خلال نسق التعاون المتنامي بين المغرب وشركائه الغربيين والدوليين من أجل تسوية هذا النزاع.
احتمال وارد
وفي السياق ذاته، صرح عبد الفتاح لهسبريس بأن ما يعزز فرضية إنهاء الدعم الموجه إلى بعثة المينورسو هو توقف دورها الأصلي المتعلق بتنظيم الاستفتاء، الذي كان مقررا في تسعينيات القرن الماضي، حيث اقتصرت مهمتها لاحقا على مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار.
وأشار رئيس المرصد الصحراوي لإعلام وحقوق الإنسان إلى أن ألكسندر يوركو، رئيس البعثة، أفاد سابقا بأن المينورسو تتعرض لمضايقات من طرف معارضي المغرب الذين يعمدون إلى عرقلة الدوريات ومهام المراقبة المرتبطة بوقف إطلاق النار؛ وهو ما يزيد من تعقيد أدائها الميداني.
وذكر الفاعل الحقوقي ذاته أن كلّا من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة والإحاطة التي قدّمها مبعوثه الشخصي ستيفان دي ميستورا عبّرا بوضوح عن حجم التحديات التي تواجه بعثة المينورسو، سواء من حيث طبيعة المهام الموكلة إليها أو بالنظر إلى محدودية الموارد المتاحة لها.
كما نبّه إلى المهلة التي حددها دي ميستورا خلال عرضه أمام مجلس الأمن في أبريل المنصرم، والمتمثلة في ثلاثة أشهر، لإيجاد حل ضمن إطار مبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة المغربية.
وأردف الخبير عينه قائلا إن تملص الجزائر من مسؤوليتها تجاه النزاع المفتعل يعوق عمل بعثة المينورسو أكثر، بالإضافة إلى عدم استطاعتها إحصاء ساكنة مخيمات تندوف التابعة للأراضي الجزائرية.
“تحولات جيوسياسية”
من جهتها، سجلت سناء القاسمي، رئيسة شعبة العلوم السياسية والقانونية بالجامعة الأورومتوسطية بفاس، أن قرار إيقاف دعم بعثة المينورسو يأتي في سياق التحولات الجيوسياسية العميقة التي يشهدها العالم، والتي أثرت بشكل مباشر على كيفية تعاطي القوى الكبرى مع النزاعات الإقليمية.
وأضافت القاسمي، في تصريحها لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن التطورات المتسارعة على الساحة الدولية دفعت عددا من الدول المؤثرة إلى إعادة صياغة مواقفها تجاه قضية الصحراء المغربية، بما ينسجم مع مصالحها الاستراتيجية الجديدة في المنطقة.
وأشارت رئيسة شعبة العلوم السياسية والقانونية بالجامعة الأورومتوسطية بفاس إلى أن المرحلة الحالية تمثل منعطفا معقدا في مسار الملف، في ظل تغير موازين القوى العالمية وتنامي التحديات المرتبطة بالاستقرار الإقليمي.
وأوضحت المتحدثة عينها أن توقف الدعم لبعثة المينورسو قد يعكس تحولا مهما في المواقف الدولية؛ مما قد يوفر فرصا جديدة للمملكة المغربية لتدعيم موقفها في القضية بما يتوافق مع تطورات الوضع الإقليمي والدولي.
وأبرزت القاسمي أن هذا التراجع يثير تساؤلات حول مستقبل دور الأمم المتحدة في النزاع، خاصة مع التحولات العميقة التي تعرفها خارطة التحالفات الدولية.
وختمت المتخصصة في العلوم السياسية والقانونية تصريحها لهسبريس بالتأكيد على أن المقاربات التقليدية لم تعد صالحة، وأن أي حلٍّ أصبح رهينا بتوازنات دولية جديدة تفرض تعاطيا مختلفا مع الملف.