أخبار عاجلة

غسيل الأموال.. شبكة عالمية تُهدد الاقتصاد وتُعقّد التنمية

غسيل الأموال.. شبكة عالمية تُهدد الاقتصاد وتُعقّد التنمية
غسيل الأموال.. شبكة عالمية تُهدد الاقتصاد وتُعقّد التنمية

الثلاثاء 06 مايو 2025 | 02:31 مساءً

منى أحمد

"غسيل الأموال".. مصطلح ذائع في الأوساط الاقتصادية والمالية، يُستخدم لوصف عملية تحويل أموال ناتجة عن مصادر غير مشروعة إلى أموال تبدو وكأنها ذات مصدر قانوني، بما يضفي عليها صفة الشرعية رغم كونها "أموالًا قذرة" أو كما يُطلق عليها في المصطلحات الأجنبية Dirty Money.

وتتمثل أخطر صور هذه العمليات في إيداع تلك الأموال داخل الحسابات البنكية أو ضخها في أنشطة تجارية واستثمارية ظاهرها مشروع.

جذور ظاهرة غسيل الأموال

يرجع ظهور أولى صور غسيل الأموال الحديثة إلى فترة الحظر الأمريكي على الكحول (1920 – 1933)، حين لجأ أحد أفراد عصابات المافيا الإيطالية إلى إنشاء مغاسل ملابس قانونية (Laundry) لإخفاء أرباحه من تجارة الكحول، ليتم بذلك إدخال هذه الأموال ضمن الإيرادات الشرعية لتلك الأعمال. ومن هنا جاءت التسمية.

ويسجل التاريخ أن الإمبراطورية الصينية سبقت هذا التحايل المالي بقرون، حيث يشير المؤرخ ستيرلينج سيجريف إلى أن أولى عمليات غسل الأموال تعود إلى ما يقرب من ألفي عام مضت.

الذكاء الاصطناعي في مواجهة غسيل الأموال

وفقًا لدراسة عالمية صدرت عن مؤسسة "ساس" بالتعاون مع شركات كبرى مثل KPMG، فإن الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة يمثلان ما يقرب من 57% من الجهود العالمية في رصد وتتبع عمليات غسيل الأموال، وتشير التقديرات إلى أن حجم هذه الأموال سنويًا يتراوح بين 2 و5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما يُعادل 2.8 تريليون دولار بحسب إحصاءات 2022.

وأكدت الأمم المتحدة هذا الرقم مؤخرًا، مشيرة إلى أن النسبة تتراوح بين 2 إلى 5% من الناتج العالمي خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مع وجود اعتراف صريح بأن هذه الأموال تتعرض لمحاولات واسعة لإضفاء الشرعية عليها عبر قنوات قانونية.

في سياقٍ مشابه، قدّر مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات في عام 2009 أن عمليات غسيل الأموال الناتجة عن أنشطة إجرامية بلغت نحو 1.6 تريليون دولار، منها 20% ناتجة عن تجارة المخدرات وحدها.

وقدرت تقارير صندوق النقد الدولي، آنذاك، أن ما يُغسل من أموال يُمثل 2.7% من الناتج العالمي، إلا أن أخطر ما في هذه التقديرات هو أن أقل من 1% فقط من تلك الأموال يتم تعقبه ومصادرته، بينما ينجح المجرمون في غسل أكثر من ثلثي أرباحهم.

العالم النامي هو المتضرر الأكبر

تُظهر تقارير البنك الدولي أن البلدان النامية تخسر ما بين 20 و40 مليار دولار سنويًا نتيجة لعمليات تهريب وغسيل أموال، ما يُهدد مواردها التنموية ويزيد من تفشي الفقر والبطالة، ويُضعف قدرة تلك الدول على تحقيق نمو اقتصادي مستدام.

التهديد الخفي للاقتصاد العالمي

تنبع خطورة غسيل الأموال من كونها عمليات تديرها شبكات إجرامية عالمية تعمل في تجارة المخدرات، وتهريب الأعضاء، والأسلحة، والأدوية، وحتى البشر، كما أن الأموال الناتجة عن الفساد السياسي والإداري، مثل الرشاوى والاختلاسات واحتكار السلع، تُعد جزءًا من تلك المنظومة، حيث يتم إدماجها في الاقتصاد القانوني بطرق يصعب تعقبها.

من ووترجيت إلى وسائل التواصل الاجتماعي

ارتبط مصطلح "غسيل الأموال" باستخدامه المكثف في الإعلام العالمي عقب فضيحة ووترجيت عام 1973، حيث استُخدم لوصف عملية إدخال الأموال غير المشروعة في عمليات مالية معقدة، تشمل التحويلات البنكية وشراء العقارات وتأسيس شركات وهمية، لإخفاء المصدر الحقيقي لها.

ومع تطور الزمن والتكنولوجيا، تحوّلت الأساليب من مغاسل الملابس إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث تُستخدم بعض الوجوه الشهيرة والعلامات التجارية، عن وعي أو دون وعي، كواجهة لتمرير الأموال المشبوهة من خلال عقود إعلانات وتسويق، ومن ثم إدماجها في الاقتصاد الرسمي.

المراحل الثلاث الأساسية لغسل الأموال

- الإدخال: تبدأ العملية بإدخال الأموال غير المشروعة في النظام المالي، كشراء أصول أو تأسيس شركات وهمية.

- التمويه: يتم إخفاء المصدر الحقيقي للأموال من خلال عمليات معقدة مثل تعدد التحويلات المصرفية أو إعادة بيع الأصول.

- الدمج: يتم في هذه المرحلة دمج الأموال في الاقتصاد الرسمي بشكل يصعب معه تمييزها عن الأموال المشروعة.

سوق العقارات بوابة مثالية لغسيل الأموال

يمثل سوق العقارات أحد أكثر القطاعات استخدامًا في عمليات غسيل الأموال، نظرًا لقدرتها على استيعاب مبالغ ضخمة دون إثارة الشبهات، وتتمثل الخطة في تأسيس شركة تعمل في مجال البناء والتسويق العقاري، ثم فتح حسابات بنكية باسم المشاريع والحصول على قروض، مع تضخيم أسعار بيع الوحدات بشكل صوري عبر التعامل مع شركات تسويق وهمية، وبالتالي إضفاء مظهر شرعي على الأموال.

وفي النهاية، تُودع الأرباح الصورية في البنوك، ما يؤدي إلى رفع معدلات التضخم وظهور فقاعات عقارية تُهدد الاستقرار الاقتصادي.

العملات المشفرة والحسابات الخارجية

رغم الأرباح الضخمة التي تحققها العملات المشفرة، فإنها تثير مخاوف كثيرة بين المستثمرين نظرًا لغياب الرقابة عليها من قِبل البنوك المركزية، مما يجعلها وجهة مثالية لعمليات غسيل الأموال وتهريبها بين الدول.

من ناحية أخرى، تسهم الحسابات البنكية الخارجية في دول تشتهر بالحفاظ على سرية البيانات المصرفية، في تسهيل عملية غسيل الأموال، خصوصًا تلك المرتبطة بالفساد السياسي أو الجماعات المحظورة والإرهابية، ما يهدد استقرار الأنظمة المالية العالمية.

وأحد أبرز الأمثلة في هذا السياق هو بنك الائتمان والتجارة الدولي (BCCI)، الذي انهار بعد خسائر قدرت بـ 20 مليار دولار نتيجة تورطه في عمليات غسيل أموال.

غسيل الأموال في مصر

على الصعيد المحلي، أعلنت النيابة العامة المصرية مؤخرًا أن نيابة الشؤون الاقتصادية وغسل الأموال كشفت عن عمليات غسيل أموال بلغت قيمتها خلال عام واحد فقط نحو:

- 7.7 مليار جنيه مصري

- 319 مليون دولار أمريكي

- 4 ملايين يورو

- نصف مليون جنيه إسترليني

وهي أرقام تعكس تنامي الظاهرة محليًا، ما يتطلب تشديد الإجراءات الرقابية والتعاون الدولي لمكافحة هذه الجريمة الاقتصادية العابرة للحدود.

غسيل الأموال
غسيل الأموال

اقرأ ايضا

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الهضيبي: قضية الطفلة مريم أصبحت في ذمة الدولة المصرية
التالى فيديو | إنتر ميلان وبرشلونة يتعادلان في قمة مجنونة بذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا