مشروع رياح ضخم يتلقى "الضربة القاضية".. خسائر بالمليارات

تلقّى مشروع رياح بحرية ضخم صدمة كبيرة من الشركة المشغّلة، جراء التحديات المتزايدة التي يواجهها القطاع، وعلى رأسها ارتفاع التكاليف.

إذ قررت شركة أورستد الدنماركية (Ørsted) عدم مواصلة تطوير مشروع المرحلة الرابعة من محطة الرياح البحرية "هورن سي 4" (Hornsea) قبالة سواحل المملكة المتحدة.

وبحسب المعلومات لدى منصة الطاقة المخصصة (مقرّها واشنطن)، كان من المقرر أن يضم المشروع 180 توربين رياح عملاقًا، قادرة على توليد كهرباء نظيفة تكفي لتغذية مليون منزل.

لكن ارتفاع التكاليف وارتفاع أسعار الفائدة جعلا المشروع غير مجدٍ تجاريًا، في ضربة لخطط الحكومة البريطانية التي وضعت هدف مضاعفة إنتاج الكهرباء من مشروعات الرياح البحرية 4 مرات بحلول عام 2030، قبل تحقيق الحياد الكربوني في 2050.

وقف مشروع رياح بحرية

يقع مشروع الرياح البحرية هورن سي 4 في بحر الشمال، وتحديدًا على بعد 69 كيلومترًا قبالة سواحل فلامبورو هيد في يوركشاير.

والمشروع هو الامتداد الرابع لثلاثة مزارع رياح بحرية أخرى تحمل الاسم نفسه، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة لقطاع الطاقة البريطاني.

وتصل قدرة مشروع هورن سي 1 إلى 1.2 غيغاواط وهورن سي 2 إلى 1.3 غيغاواط، وكلاهما قيد التشغيل، أمّا هورن سي 3 بقدرة 2.9 غيغاواط، التي توصف بأنها أكبر مزرعة رياح بحرية في العالم، فما زالت قيد الإنشاء.

ومن شأن هورن سي 4 أن ترفع إجمالي قدرات المشروع إلى نحو 8 غيغاواط، بما يوفر الكهرباء النظيفة إلى ملايين المنازل، علاوة على توفير الآلاف من فرص العمل المباشرة وغيرها خلال أعمال البناء والتشغيل على الأمد الطويل.

وفازت المزرعة الرابعة بقدرة 2.400 ميغاواط بعقد مقابل الفروقات في سبتمبر/أيلول (2024) بسعر 58.87 جنيه إسترليني (78.62 دولارًا) للميغاواط/ساعة.

*(الجنيه إسترليني = 1.34 دولارًا أميركيًا).

وتنص العقود مقابل الفروقات على أنه عندما تنخفض أسعار بيع الكهرباء بالجملة عن الحدّ الأدنى، تغطي الحكومة ذلك الفارق، أمّا إذا ارتفعت الأسعار، فإن المنتجين يدفعون ذلك الفارق إلى الحكومة.

وكان من المقرر اتخاذ قرار الاستثمار النهائي لمزرعة الرياح البحرية خلال العام المقبل (2026)، مع دخول المزرعة حيز التشغيل قبل نهاية عام 2030، وفق الإعلانات السابقة لشركة أورستد.

أسباب وتبعات قرار شركة أورستد الدنماركية

في بيان صحفي بتاريخ اليوم (7 مايو/أيار 2025)، حصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منه، أعلنت شركة أورستد الدنماركية قرارها بعدم مواصلة تطوير مشروع الرياح البحرية هورن سي 4 "بشكله الحالي".

وبناءً على القرار، ستوقف الشركة إنفاق المزيد من أموالها على المشروع في الوقت الراهن، كما ستوقف تنفيذ عقود سلاسل التوريد.

وبذلك، لن تفي ببنود عقد توليد الكهرباء الذي فازت به خلال جولة العطاءات السادسة (AR6) التي نالت إشادة واسعة بعد دعم حكومي سخي.

وفي معرض تبريرها للقرار الصادم، قالت أورستد، إنها منذ أن مُنحت عقدًا مقابل الفروقات في الجولة السادسة، شهد المشروع العديد من التطورات السلبية الناتجة عن استمرار ارتفاع تكاليف سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الفائدة.

وثمة زيادة في المخاطر التي تواجه بناء وتشغيل مشروع رياح "هورن سي 4" وفق الجدول الزمني الموضوع.

وأدت تلك العوامل مجتمعة إلى زيادة مخاطر التنفيذ، وتدهور مساعي توليد القيمة للمشروع.

والآن، ستقيّم "أورستد" خيارات تطوير مشروع الرياح البحرية مستقبلًا في ضوء استمرار حقوقها لاستغلال قاع البحر، واتفاقية الربط بشبكة الكهرباء، وأمر الموافقة على التطوير.

ومن المتوقع أن يكبّد القرار شركة أورستد ما يتراوح بين 3.5 و4.5 مليار كرونة نرويجية (340.87 - 438.28 مليون دولار أميركي) جراء الانسحاب المفاجئ من العقود خلال العام الجاري (2025).

*(الكرونة النرويجية = 0.097 دولارًا أميركيًا).

طاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة

يوجّه قرار وقف بناء مشروع الرياح البحرية "هورن سي 4" ضربة قوية لخطط الحكومة الداعمة لطاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة؛ إذ تعوّل الحكومة الحالية على مشروعات الطاقة المتجددة لتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وكذلك مستهدف إنتاج 100% من الكهرباء من مصادر خالية من الكربون.

ووفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة، فإن مصادر الوقود الأحفوري -وعلى رأسها الغاز الطبيعي- تجعل المملكة المتحدة عُرضة لتقلبات السوق كما حدث في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية (2022)، وقطع إمدادات الغاز الروسي المنقول عبر الأنابيب؛ ما تسبَّب في أزمة طاقة تاريخية.

وعلاوة على ذلك، ترى الحكومة أن التحول الأخضر يعزز جهود مكافحة تغير المناخ ويخفض الفواتير التي يدفعها المواطنون، وهو ما ثبتَ عدم صحّته.

بدوره، أكد الرئيس التنفيذي لشركة أورستد راسموس إربو التزام شركته الكامل بمساعدة الحكومة لتحقيق أهداف نشر مشروعات الرياح البحرية، كما تقدّر جهود وضع إطار عمل واضح لدعم القطاع.

لكنه أوضح أن تخصيص رأس المال يقوم على نهج صارم، ويرتكز على توليد القيمة، ولذلك جاء قرار عدم مواصلة مشروع هورن سي 4 بعد تفكير متأنٍ.

على الناحية الأخرى، أقرّ متحدث باسم وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني بتأثير التضخم وقيود سلاسل التوريد بصناعة الرياح البحرية في أوروبا.

ووعد بالعمل مع أورستد لإعادة المشروع إلى مساره الصحيح، مشيرًا إلى وجود عدد كبير من مشروعات الطاقة النظيفة بحلول 2030 ضمن خطة التغيير.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1. بيان شركة أورستد عن وقف مزرعة رياح "هورن سي 4"
2. تصريح للمتحدث باسم وزارة الحياد الكربوني من صحيفة الغارديان البريطانية