أكدت وزارة الأوقاف المصرية، في موضوع خطبة الجمعة اليوم، أن العقل هو أعظم منحة إلهية منحها الله للإنسان، وأن هذا العقل لا يؤدي دوره إلا بالعلم، الذي يُنير البصائر ويكشف أسرار الوجود. وقالت الخطبة: "العقل جوهرة ربانية، لكنه يظل كامنًا حتى تُوقده شرارة العلم، ويُغذيه نور المعرفة"، مشيرة إلى أن العلم هو طريق الإنسان لفهم الكون وتحقيق التقدم والازدهار.
وتابعت: "إذا استنار العقل بالعلم، أنار الدنيا من حوله، وأصبح الإنسان أكثر وعيًا، وأشد بصيرة، وأقدر على تجاوز الظلمات والجهل".
أهمية العلم في بناء الإنسان والمجتمع
تحت شعار "العلم نور"، سلطت الخطبة الضوء على أهمية العلم في بناء الأمم ونهضة الحضارات، مشيرة إلى أن أول أمر إلهي في الإسلام كان "اقرأ"، مما يعكس قيمة المعرفة في الدين الإسلامي.
وأكدت الخطبة أن العلماء في الإسلام نالوا أعلى المراتب، حيث وصفهم النبي ﷺ بأنهم "ورثة الأنبياء"، وجاء في الحديث:
"من سلك طريقا يبتغي فيه علمًا، سهل الله له به طريقا إلى الجنة..."، وهو ما يبيّن عِظم مكانة العلم وفضله.
كما استشهدت الأوقاف بقول الله تعالى:
{يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}
نماذج مشرقة من تراثنا العلمي
ودعت الخطبة إلى التأمل في عقول الأئمة والعلماء الكبار الذين غيروا وجه التاريخ، فذكرت الإمام أبي حنيفة ونقاشاته العلمية، والإمام مالك وأصحابه من فقهاء المدينة، والإمام الشافعي بعقله الإبداعي الفريد، والإمام أحمد بن حنبل وثباته العلمي والديني.
وأضافت: "تأملوا سير هؤلاء العظماء، كيف أناروا عصورهم بعلمهم، وخلّدوا أسماؤهم في التاريخ، فكانوا منارات فكر ومراكز إشعاع حضاري".
محاربة الخرافات... واجب ديني وحضاري
في الخطبة الثانية، حذّرت وزارة الأوقاف من الانخداع بالخرافات والمعتقدات الزائفة، معتبرة أن الإيمان الحق والعقل المستنير بالعلم لا يمكن أن يقبلا هذه الممارسات. وجاء في الخطبة:
"لا يليق بمن أنار الله تعالى عقله بالعلم أن يستسلم لأفكار بالية وخرافات واهية، لا تستند إلى دليل، ولا يقبلها منطق سليم."
وأكدت أن العلم هو السلاح الحقيقي في مواجهة الجهل والتطرف والخرافة، مشيرة إلى أن التمائم والأحجبة والموروثات غير العقلانية ليست سوى أوهام تعطل العقول وتقيد الفكر.
وقالت الأوقاف في دعوتها: "فلنتساءل بصدق: هل ما زال بعضنا يؤمن بتأثير الأحجبة في جلب النفع ودفع الضرإن الله قد أقام الإيمان فينا، وهو وحده القادر على دفع الضر وجلب الخير".
العلم... السبيل إلى النصر وحل الأزمات
وختمت الخطبة بتأكيد أن العلم هو مفتاح النهوض والنهضة، والسبيل إلى محاربة الفساد، والتصدي للتطرف، وبناء اقتصاد قوي. وجاء فيها:
"العلم أولًا، والعلم ثانيًا، والعلم ثالثًا، فهو أساس كل نجاح، ومفتاح كل تقدم."
كما شددت على دور الأسرة والمدرسة والمجتمع في غرس حب المعرفة في نفوس الأبناء، داعية إلى تحويل البيوت إلى منابر علم، والمدارس إلى محاضن فكر، والمجتمع إلى حاضنة للعلم والتنوير.
واختتمت الخطبة بالدعاء قائلة:
"اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علما، وابسط في بلادنا بساط الأمان والرزق والبركة، واحفظ عقولنا من الجهل والخرافة، وانر بصائرنا بنور العلم والإيمان."